بنظرة سريعة من حولنا نجد ان ليس كل الناس على نفس المستوى من الاخلاق والفهم الاخلاقي، ويعود ذلك الى عدة عوامل، احدها هو مستوى الشخص في النمو الاخلاقي، فقد وجد كوهلبرج، وهو احد علماء النفس، بعد دراسات انه يمكن تصنيف الناس الى ستة مستويات اخلاقية، حيث ان الانسان في نموه النفسي من الطفولة والى الرشد يمر بهذه المراحل، ولكن بعض الناس يتوقف نموها الاخلاقي عند مستوى معين ولا يتطورون بعده، وقد بنى كوهلبرج نظريته الشهيرة على ردود مجموعة كبيرة من الناس على القصة التالية، حيث اخبرهم كوهلبرج هذه القصة وسألهم سؤالا في نهايتها، حاول ان تقرأ القصة وتجيب على السؤال قبل النظر الى المستويات، وهذه هي القصة:
كان هناك رجل اسمه هاينز، وكان متزوجا من فتاة جميلة وطيبة ويحبها وتحبه، وكانا سعيدين جدا مع بعضهما، الا ان زوجته تم تشخيصها بمرض خطير، واخبره الاطباء بأنها ستموت خلال ايام ان لم تحصل على دواء معين، واخبروه ان هذا الدواء موجود فقط في صيدلية واحدة في العالم كله (هكذا هي القصة)، فذهب هاينز الى صاحب الصيدلية وساله عن ثمن الدواء، فأخبره انه بالفين دولار، ولكن هاينز وزوجته فقراء ولا يملكون هذا المال، فذهب هاينز وباع كل ما يملك، واستدان من كل شخص او بنك امكنه الاستدانة منه، وتمكن من جمع الف وخمسمائة دولار، وذهب الى صاحب الصيدلية يرجوه ان يقبل المبلغ مقابل الدواء، ولكن صاحب الصيدلية رفض، واصر انه لن يعطيه الدواء الا اذا اتى بالمبلغ كاملا، فذهب هاينز الى البيت وجلس اياما يفكر، وحالة زوجته تتدهور، ووصلت الى الاغماء ولم يبقى غير ساعات وتموت ان لم تأخذ الدواء، واخذ هاينز ينظر الى زوجته الحبيبة وهي تصارع الموت، وفي منتصف الليل ذهب هاينز الى الصيدلية وكسر الباب وسرق الدواء واعطاه الى زوجته وتم انقاذ حياتها،
السؤال: في رأيك، هل ما فعله هاينز من سرقة الدواء صواب ام خطأ؟ ولماذا تفكر كذلك؟
وهذه هي المستويات الستة من الاقل نموا الى الاكثر نموا:
1. الخوف من العقاب
الاشخاص في هذا المستوى يفهمون الصواب على انه ما ليس فيه عقاب والخطأ هو ما يجلب العقاب، مثلهم مثل الاطفال في السنوات الاولى من الطفولة، فخوفهم من العقاب هو ما يحركهم، فان امنوا العقاب فعلوا اي شيئ، فالشخص الذي في هذا المستوى قد يقول ان ما فعله هاينز كان صحيحا لانه لم يتم القبض عليه، او ان ما فعله هاينز كان خطأ لانه قد يقبض عليه ويوضع في السجن، واغلبية المجرمين هم في هذا المستوى الاخلاقي،
2. الرغبة في المكافئة
الصواب عند هؤلاء هو ما يجلب المكافأة سواء من مال او مديح او شهرة او غيره، والخطأ هو ما ليس فيه مكافأة او مصلحة ذاتية، فهؤلاء تحركهم مصالحهم، فالصحيح هو ما فيه مصلحة لهم، والخطأ هو ما لا مصلحة لهم فيه، فقد يكون رد هؤلاء على قصة هاينز بأنه اخطأ لأنه لا مصلحة له في تعريض نفسه للخطر من اجل زوجته، واذكر احد طلابي اجاب عندما عرضت القصة في المحاضرة بأن هاينز اخطأ لانه كان عليه ان يأخذ ضمانات اولا بأن زوجته ستفعل نفس الشيئ ان كان هو في خطر، فالمصالح تحرك هؤلاء،
3. الرغبة في الحب والانتماء
هؤلاء يرون ان الصواب هو كل ما يجلب الحب لهم، والخطأ هو كل ما يبعد الحب عنهم، وهم يرون ان الحب هو غاية سامية، ويفعلون كل شيئ باسم الحب، ويهدفون ايضا الى التناغم الاجتماعي، فمثلا هؤلاء يقولون ان هاينز فعل الصواب لانه انقذ زوجته حبيبته وان الحياة الانسانية اهم من عدم السرقة، فالانسان عليه ان يفعل أي شيئ من اجل من يحب،
4. الحرص على النظام والقانون
في هذا المستوى يرى الشخص ان هناك نظاما وقانونا لا بد من الالتزام بهم ولا يجوز تجاوزهم لاسباب شخصية والا عمت الفوضى في المجتمع، فهؤلاء يرون ان ما فعله هاينز خطأ لانه خالف النظام والقانون وان لو كل انسان عنده مريض في البيت سرق او كل انسان معدم خالف القانون لانتشر الخوف والفوضى في المجتمع، ولذلك نرى اشخاصا من الشرطة والجيش وغيرها يفعلون امورا قد لا تكون فيها حب ولكن فيها حفاظ على الامن والنظام العام، فالحب ليس هو ما يحرك كل الناس، فبعض الناس قد يفعلون اشياء قد تهدف الى الصالح العام حتى لو كانت على حساب الحب، وهم يتم تدريبهم في المدرسة والمجتمع على هذه الامور، فيتعلمون مثلا ان لا تحركهم العواطف،
5. العدالة
هنا يعتقد الشخص بأن هناك حالات تكون فيها الانظمة والقوانين خاطئة، وهنا يرفض الشخص عن وعي اخلاقي اتباع هذه القوانين الغير عادلة، وقد يحاول ان يغير من هذه الانظمة والقوانين من خلال تشريعات وقوانين جديدة تتماشى مع العدل والمبادئ السامية، فهذا الشخص قد يقول ان ما فعله هاينز كان صوابا لان النظام الذي يسمح بالاحتكار بهذا الشكل هو نظام غير عادل، وقد يضيف انه على هاينز تسليم نفسه لاخذ العقوبة، ونسبة قليلة من المجتمع تكون في هذا المستوى، وعادة ما يكونون قادة سياسيون او مشرعون قانونيون او مصلحون،
6. القيم العليا
واحد من كل مائة شخص يكونون في هذا المستوى، ومنهم كبار القيادات الاخلاقية في التاريخ، فهؤلاء يؤمنون بأن هناك قيم عليا موجودة في الوجود، فهم يعلمون الناس عن هذه القيم العليا، و يفتحون افاق جديدة امام الناس لفهم القيم العليا، ويكون ذلك بسلوكهم وقولهم، فؤلاء هم القادة الاخلاقيون في التاريخ البشري، وقد يكون رد هؤلاء على قصة هاينز غريبا وجديدا وعميقا ويصعب فهمه، فيكون فيه حكمة تتطلب دراسة ويصعب على من هم في مستوى اخلاقي اقل استيعاب اسباب ردهم،
د. ماجد عشي
كان هناك رجل اسمه هاينز، وكان متزوجا من فتاة جميلة وطيبة ويحبها وتحبه، وكانا سعيدين جدا مع بعضهما، الا ان زوجته تم تشخيصها بمرض خطير، واخبره الاطباء بأنها ستموت خلال ايام ان لم تحصل على دواء معين، واخبروه ان هذا الدواء موجود فقط في صيدلية واحدة في العالم كله (هكذا هي القصة)، فذهب هاينز الى صاحب الصيدلية وساله عن ثمن الدواء، فأخبره انه بالفين دولار، ولكن هاينز وزوجته فقراء ولا يملكون هذا المال، فذهب هاينز وباع كل ما يملك، واستدان من كل شخص او بنك امكنه الاستدانة منه، وتمكن من جمع الف وخمسمائة دولار، وذهب الى صاحب الصيدلية يرجوه ان يقبل المبلغ مقابل الدواء، ولكن صاحب الصيدلية رفض، واصر انه لن يعطيه الدواء الا اذا اتى بالمبلغ كاملا، فذهب هاينز الى البيت وجلس اياما يفكر، وحالة زوجته تتدهور، ووصلت الى الاغماء ولم يبقى غير ساعات وتموت ان لم تأخذ الدواء، واخذ هاينز ينظر الى زوجته الحبيبة وهي تصارع الموت، وفي منتصف الليل ذهب هاينز الى الصيدلية وكسر الباب وسرق الدواء واعطاه الى زوجته وتم انقاذ حياتها،
السؤال: في رأيك، هل ما فعله هاينز من سرقة الدواء صواب ام خطأ؟ ولماذا تفكر كذلك؟
وهذه هي المستويات الستة من الاقل نموا الى الاكثر نموا:
1. الخوف من العقاب
الاشخاص في هذا المستوى يفهمون الصواب على انه ما ليس فيه عقاب والخطأ هو ما يجلب العقاب، مثلهم مثل الاطفال في السنوات الاولى من الطفولة، فخوفهم من العقاب هو ما يحركهم، فان امنوا العقاب فعلوا اي شيئ، فالشخص الذي في هذا المستوى قد يقول ان ما فعله هاينز كان صحيحا لانه لم يتم القبض عليه، او ان ما فعله هاينز كان خطأ لانه قد يقبض عليه ويوضع في السجن، واغلبية المجرمين هم في هذا المستوى الاخلاقي،
2. الرغبة في المكافئة
الصواب عند هؤلاء هو ما يجلب المكافأة سواء من مال او مديح او شهرة او غيره، والخطأ هو ما ليس فيه مكافأة او مصلحة ذاتية، فهؤلاء تحركهم مصالحهم، فالصحيح هو ما فيه مصلحة لهم، والخطأ هو ما لا مصلحة لهم فيه، فقد يكون رد هؤلاء على قصة هاينز بأنه اخطأ لأنه لا مصلحة له في تعريض نفسه للخطر من اجل زوجته، واذكر احد طلابي اجاب عندما عرضت القصة في المحاضرة بأن هاينز اخطأ لانه كان عليه ان يأخذ ضمانات اولا بأن زوجته ستفعل نفس الشيئ ان كان هو في خطر، فالمصالح تحرك هؤلاء،
3. الرغبة في الحب والانتماء
هؤلاء يرون ان الصواب هو كل ما يجلب الحب لهم، والخطأ هو كل ما يبعد الحب عنهم، وهم يرون ان الحب هو غاية سامية، ويفعلون كل شيئ باسم الحب، ويهدفون ايضا الى التناغم الاجتماعي، فمثلا هؤلاء يقولون ان هاينز فعل الصواب لانه انقذ زوجته حبيبته وان الحياة الانسانية اهم من عدم السرقة، فالانسان عليه ان يفعل أي شيئ من اجل من يحب،
4. الحرص على النظام والقانون
في هذا المستوى يرى الشخص ان هناك نظاما وقانونا لا بد من الالتزام بهم ولا يجوز تجاوزهم لاسباب شخصية والا عمت الفوضى في المجتمع، فهؤلاء يرون ان ما فعله هاينز خطأ لانه خالف النظام والقانون وان لو كل انسان عنده مريض في البيت سرق او كل انسان معدم خالف القانون لانتشر الخوف والفوضى في المجتمع، ولذلك نرى اشخاصا من الشرطة والجيش وغيرها يفعلون امورا قد لا تكون فيها حب ولكن فيها حفاظ على الامن والنظام العام، فالحب ليس هو ما يحرك كل الناس، فبعض الناس قد يفعلون اشياء قد تهدف الى الصالح العام حتى لو كانت على حساب الحب، وهم يتم تدريبهم في المدرسة والمجتمع على هذه الامور، فيتعلمون مثلا ان لا تحركهم العواطف،
5. العدالة
هنا يعتقد الشخص بأن هناك حالات تكون فيها الانظمة والقوانين خاطئة، وهنا يرفض الشخص عن وعي اخلاقي اتباع هذه القوانين الغير عادلة، وقد يحاول ان يغير من هذه الانظمة والقوانين من خلال تشريعات وقوانين جديدة تتماشى مع العدل والمبادئ السامية، فهذا الشخص قد يقول ان ما فعله هاينز كان صوابا لان النظام الذي يسمح بالاحتكار بهذا الشكل هو نظام غير عادل، وقد يضيف انه على هاينز تسليم نفسه لاخذ العقوبة، ونسبة قليلة من المجتمع تكون في هذا المستوى، وعادة ما يكونون قادة سياسيون او مشرعون قانونيون او مصلحون،
6. القيم العليا
واحد من كل مائة شخص يكونون في هذا المستوى، ومنهم كبار القيادات الاخلاقية في التاريخ، فهؤلاء يؤمنون بأن هناك قيم عليا موجودة في الوجود، فهم يعلمون الناس عن هذه القيم العليا، و يفتحون افاق جديدة امام الناس لفهم القيم العليا، ويكون ذلك بسلوكهم وقولهم، فؤلاء هم القادة الاخلاقيون في التاريخ البشري، وقد يكون رد هؤلاء على قصة هاينز غريبا وجديدا وعميقا ويصعب فهمه، فيكون فيه حكمة تتطلب دراسة ويصعب على من هم في مستوى اخلاقي اقل استيعاب اسباب ردهم،
د. ماجد عشي
هناك تعليق واحد:
قلب بلا حب لايستحق أن يعيش...
ولكن ماذا لو أن هاينز لايحب زوجته
هل سيتركها تموت؟ .. وماذا لو
يكرهها؟
اعتقد بأن هناك روح لابد أن لا
نستعجلها الرحيل .. في نفس الوقت
أنا ضد الإخلال بالنظام..
معادلة صعبة!!!!!
إرسال تعليق