الأحد، 21 ديسمبر 2014

التعاون او الصراع والانتكاسة الي عقلية العصر الحجري



هناك حالتان عقليتان، حالة تشجع على الصراع بين الافراد او الجماعات او الدول، وحالة تشجع على التعاون بين الافراد او
 الجماعات او الدول، عقلية الصراع تعتبر ان هناك فائز وخاسر، عقلية التعاون ترى أن خسارة طرف هي خسارة للجميع ومكسب طرف هو مكسب للجميع، في عقلية الصراع هناك مصالح متناقضة وعداوات، في عقلية التعاون هناك مصالح مشتركة وادوار يقوم بها الاطراف المتعاونة، لعقلية الصراع نحن نعيش في غابة والبقاء فيها للأقوى او الأذكى، لعقلية التعاون نحن، سواء في الاسرة او المجتمع او بين الدول، كجسد واحد، يقوم فيه كل عضو وجهاز بدور لبقاء الجميع

الصراع يحدث أحيانا نتيجة تصادم المصالح او تنافس او رغبة من طرف في أخذ ما ليس من حقه، ولكن عند البعض عقلية تفسر وتحول كل وضع او أمر على انه صراع، وينظر للأمور من منطلق مصلحته الذاتية الضيقة على حساب رؤية شاملة واسعة الافق، عقلية الصراع هي عقلية من العصر الحجري مازالت تعيش وتمشي بيننا، عقلية نشأت في العصر الحجري للتأقلم مع ظروف ذلك الزمن، قبل تطور اللغة، عندما كانت الناس تميل للفعل الجسدي والعنف لا للفكر والحوار والتعاون الجماعي، وتم توارث هذه العقلية وهذا الفكر جيلا عن جيل عند البعض، بل هي مبرمجة في تكوين المخ البشري ومازالت اساليب التكيف مع ذلك الزمن موجودة في المخ، غالبية البشر لا تفكر هكذا على الاقل بشكل واعي، اليوم غالبية البشر على الارض يرغبون في التعاون والسلم والازدهار للبشرية جمعاء، سياسات العصر الحجري القائمة على الصراع والقتل والتدمير و اثارة الغرائز البهيمية العدوانية اصبحت مكشوفة وغير مقبولة عند عامة البشر اليوم، عقلية الصراع تقوم على اقناع الناس بأن الاخر مختلف، كان ذلك ممكنا في الماضي عندما كانت الناس معزولة عن الاخرين، اما اليوم في زمن تواصل الامم والشعوب عرف الناس ان الاخر لا يختلف عنهم كثيرا، وان كان هناك خلاف فيمكن التعايش والحوار والاختلاف دون تطور الامور لصراعات

مع الاسف، كثير من الناس تنتكس الى عقلية العصر الحجري من صراع واستخدام للعنف عندما تكون هناك ظروف تجعلهم يعتقدون ان الاساليب الاكثر حضارية لا تجدي نفعا، هذه مشكلة، لا يمكن لنا كبشر ان نرتد لمراحل اولى في حياة البشرية ونستخدم وسائلها كلما واجهتنا عقبات او يأس، في الماضي كانوا يستخدمون حجارا في المعركة، اليوم هناك مسدسات وصواريخ وقنابل واسلحة دمار شامل واسلحة نووية، الارتداد اليوم  مكلف للغاية، ولكنه محتمل، بل يحدث في اشكال العنف المختلفة التي نراها اليوم

لابد من خلق اوضاع اجتماعية واسرية ودولية وقانونية تجعل من الحوار والتعايش والاختلاف دون استخدام للعنف هي اساليب الحياة، لا بد ان نربي اطفالنا على اساليب حضارية جديدة، ولا بد ان نرفض استخدام العنف في البيت او المجتمع او بين اطياف المجتمع او بين الدول في العالم، وفي نفس الوقت لا بد من تطوير الاوضاع التي يسود فيها العدل وحماية الناس وحقوقهم، اليأس هو بداية الانتكاسة، لا بد من انهاء عقلية الصراع واساليبها واحلال عقلية التعاون واساليبها، عقلية الصراع هي الطريق الى الدمار والعصر الحجري وما قبله، وعقلية التعاون لما فيه خير الجميع هي الطريق الى الازدهار ومستقبل افضل للجميع وللاجيال المقبلة

د. ماجد عبدالعزيز عشي

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

نشاط المخ اثناء حالة الاسترخاء وعلاقته بالامراض النفسية



يقوم العلماء بدراسة نشاط المخ العصبي في حالة الاسترخاء، أي في حالة ان يكون الشخص لا يقوم بأي نشاط فكري او جسدي
 متعمد، ووجد الباحثون ان هناك شبكة عصبية في المخ تستمر في العمل في تلك الحالة، وتساعد هذه الشبكة العصبية على التأمل والتفكير العميق الداخلي عن النفس، فتكون هذه الشبكة انشط عند الناس الذين عندهم تأمل اكثر في الامور سواء النفسية او الفلسفية أو الدينية أو السياسية، ويكون نشاط الشبكة أقل عند الناس الذين لا يفكرون او يتدبرون الامور كثيرا ويكون تركيزهم أكثر على العالم الخارجي

كما وجد الباحثون أن هذه الشبكة تكون في حالة نشاط زائد عند الاشخاص الذين يعانون من بعض الامراض النفسية التي تجعلهم مشغولون بالتأمل الداخلي عن العالم الخارجي، فنشاط هذه الشبكة يكون أكثر عند المرضى بالاشكيزوفرينيا ومن عندهم حالات التوحد، كما يكون النشاط زائدا عند مرضى الاكتئاب مما يجعلهم يعيدون داخل انفسهم ذكريات مؤلمة، ويكون النشاط اقل عند من تعرضوا لصدمات نفسية او اساءة معاملة في الطفولة، مما يجعلهم في حالة هروب من التأمل الداخلي او تذكر أمور في حياتهم، كما يجعلهم في حالة مراقبة دائمة للعالم الخارجي خوفا من خطر ما، ووجد العلماء ان هناك تراكمات لمواد معينة حول الاعصاب في هذه الشبكة عند مرضى الازهيمر

أذا نشاط هذه الشبكة التي تعمل عندما لا يعمل الانسان مهم في التأمل والتدبر ولكن يكون له أثار سلبية ان زاد او قل عن المعدل الطبيعي

د. ماجد عبدالعزيز عشي 

السبت، 29 نوفمبر 2014

الاكسيتوسين واللمس والضغط النفسي

وجد الباحثون ان هناك هرمونا يفرز عند النساء اثناء الولادة يسمى الاكسيتوسين ويساعد على الترابط العاطفي بين الام وطفلها، ويزيد افراز هذا الهرمون عند الناس في لحظات الحب وخصوصا عند النساء مما يزيد من الاحساس بالترابط العاطفي، ومن اثار هذا الهرمون في الجسم انه يعمل ضد تأثيرات الهرمونات التي تفرز اثناء الضغط النفسي مثل الكرتيزول، فامضاء وقت مع الاحباء والاصدقاء يزيد من افراز الاكسيتوسين ومن ثمة من مقاومة اثار الضغط النفسي

كما وجد الباحثون ان الجسم، وخاصة عند النساء، يزيد من افراز مادة الاكسيتوسين عند الملامسة الجسدية، ووجد الباحثون ان هذا صحيحا ايضاعند كبار السن وحتى في التجارب على الحيوانات، وفي احدى الدراسات قام الباحثون بتخدير فئران ومن ثمة لمس اماكن مختلفة من جسدهم، ووجدوا ان هذا يؤدي الى افراز اكبر لمادة الاكسيتوسين، والان هناك دراسات عدة تحاول تقديم اللمس على انه احد اساليب العلاج للصدمات النفسية والضغط النفسي، وفي هذه العلاجات يعطى المريض قطعة قماش ويطلب منه لمسها واللعب بها بين الاصابع لفترة ما

د. ماجد عبدالعزيز عشي

الأحد، 2 نوفمبر 2014

لا للشر

كم أتمنى لو تكون هناك محطة للاخبار السعيدة، فكثير من محطات الاخبار حول العالم اصبحت متخصصة في النكد واثارة الرعب بين الناس مرة بسبب الامراض المعدية ومرة بسبب الحروب واخرى بسبب العنف والاجرام بأنواعه، وهذا أصبح يؤثر على الناس في صحتهم الجسدية والنفسية، التوتر والخوف والحزن والغضب لهم أثارهم على الناس

لو نظرنا في العالم لوجدنا أن تسعين في المائة من مدن العالم ودوله تعيش في سلام، لوجدنا ان مئات الملايين يذهبون الى اعمالهم او مدارسهم او يراعون اسرهم، هناك اعمال محبة وبناء في كل مكان في العالم، هناك من يبنون ويعلمون ويعالجون ويساعدون اخوانهم في كل مكان وبكل شكل، هناك صداقات وشراكات علمية وشخصية ومالية ورياضية بين كل شعوب العالم، مثلا في الغرب تجد أطباء عرب ومسلمين يعملون، وفي الدول العربية والاسلامية هناك اطباء غربيون يعملون، كثير من البضائع المتوفرة في الاسواق هي نتيجة تعاون في مجال التجارة بين تجار من شعوب مختلفة، ولا تجد عائلة لا يوجد فيها من تزوج من دولة او شعب اخر، في مقابل كل جريمة هناك عشرات الالاف ممن يعملون ضد الاجرام، وفي مقابل كل كلمة كراهية هناك ملايين الكلمات من المحبة التي تقال يوميا

بالطبع الوضع مأساوي في كثير من الاماكن ولا يمكننا التقليل او نسيان معاناة الناس، ولكن لا بد من ان نعرف أن العالم بخير عموما، وان الشر لم ينتصر، وان الخير موجود بكثرة، اختاروا الخير في كل فكرة وفي كل كلمة وفي كل سلوك وبذلك سينتصر الخير على الشر، انها معركة للسيطرة على القلوب والعقول والخيال، لا تجعلوا الشر يسيطر على فكركم ومشاعركم وخيالكم، الناس في كل انحاء العالم تحتاج لكم وللخير في نفوسكم، فكونوا منبع خير لمن حولكم وللبشر والبيئة والحجر جميعا

من السهل ان نكره ولكن من الصعب ان تختار عمل الخير في كل حال

د. ماجد عبدالعزيز عشي

السبت، 28 يونيو 2014

النرجسية وانواعها

النرجسية هي حب الذات والاعجاب بها بشكل مبالغ به، حيث يعتقد الشخص النرجسي انه افضل من غيره من الناس وانه يستحق افضل ما في الحياة ومعاملة متميزة ومختلفة، ودائما يسعى الشخص النرجسي الى المديح ويحاول دوما الحصول عليه، حتى انه يبالغ في انجازاته وقد يدعي انجازات غير حقيقية للحصول على المكانة والمديح، ويزعجه ان لا يكون مركز الاهتمام في المجلس ويسعى دوما الى الحط من قدر الاخرين وانجازاتهم، وتحدث بعض علماء النفس عن انواع للنرجسية ودرجات، فهناك من عنده ميول نرجسية وهناك من يعاني من اضطراب في الشخصية يسمى اضطراب الشخصية النرجسية، ومن انواع النرجسية النرجسية الفكرية والنرجسية الجسدية، فالنرجسي الفكري يعتقد انه ذكي جدا ويرى غالبية الناس أغبياء، فهو يتباها بفكره وعلمه وفلسفته، ويرى ان غالبية الناس لا تستحق بقاءه معهم ولا الاخذ من وقته، فهو يرى انهم ليس لديهم ما يقدمونه، وهو كثير الانتقاد، ويعبر عن رغباته بقوة، ويرى ان أي فكر مخالف لفكره او أي علم غير علمه او تخصص غير تخصصه غير جدير بالاحترام، وفي دواخل نفسه يحمل سرا الا وهو اعتقاده الخفي بانه سيكون في المستقبل شيئا مهما جدا والوقت سيظهر للعالم من هو، اما النرجسي الجسدي فهو معجب بجسمه ويحاول دائما عرض جسده والتباهي به لجماله او لياقته، فيلبس ملابس دائما تسعى للتباهي بمظهره، ويعتقد انه جميل جدا او وسيم، بغض النظر ان كان ذلك صحيحا او لا، ويمضي وقتا طويلا امام المرآة، وينظر كثيرا في اي زجاج عاكس، ويحاول دائما الحصول على المديح لجسمه، والباحثون يكتبون عن دور الحضارة اليوم في انتشار النرجسية بين الناس، ففي احدى الدراسات وجد الباحثون ان غالبية الناس تعتقد انها اذكى وافضل من المتوسط ومن غيرهم من الناس، ويعتقدون انهم مؤهلون لأفضل الاعمال بغض النظر عن مؤهلاتهم الحقيقية، هذه النرجسية لها اضرار عديدة، اولها على الشخص نفسه الذي سيصدمه الواقع فانه مثله مثل غيره من الناس حتى لو على واشتهر، ويشعر بضيق شديد ان قل مديح الناس لأي سبب كان، فنفسه تتغذى على المديح وبغيره تجوع نفسه وتجف، والنرجسي لا يرى الناس كأشخاص لهم احتياجات، فهم فقط موجودون لأشباع غروره ومدحه وعكس ذكاءه وجماله، ويمكن ان يكون الشخص نرجسيا باعتقاد انه افضل من غيره من حيث الجنس او العرق او القبيلة او الدولة او اللون او غيره من الامور، وهناك فرق بين الاحساس الصحي بالانتماء والفخر والثقة بالنفس والنعرات العنصرية التي تدعي ان جماعة افضل من اخرى لمجرد لون او عرق او جنس او غيره، وعلاج النرجسية صعب ويأخذ وقتا، فكثير من النرجسيين لا يرون ان بهم مشكلة، كما انهم قد يفرحون بهذا التشخيص،  فلا يجدون مشكلة بأن يقال لهم ان بهم نرجسية، وقد سعت تعاليم الكثير من الاديان على الحض على التواضع ومقاومة التكبر والتفاخر والغرور، كما وجد العديد من علماء الاخلاق بأن الغرور هو من اسباب الاساءة الى الاخرين، وفي رأيي ان النرجسية بانواعها هي احد الاسباب الرئيسية للمشاكل الاسرية والاجتماعية والسياسية والدولية، ولا بد من انشاء الاطفال على المديح الواقعي وتعليمهم مفاهيم التواضع والاحترام للاخرين والانتماء والمحبة حتى لا يكون لديهم هذا الجوع النفسي عندما يكبرون

د. ماجد عبدالعزيز عباس عشي