الحياة مليئة باحداث وامور تجعلنا نشعر بمشاعر مختلفة طوال اليوم، واغلبها مشاعر عارضة، كالسحاب يأتي ويذهب، وقد تكون حتى كالاعاصير، ولكنها تذهب، ولكن هناك مشاعر راسخة، تبقى ولا تتحرك، وعندما تهدأ العواصف، وتقف الريح، تظهر هذه العواطف من وراء الضباب، لانها كانت موجودة طوال الوقت، كانت هناك،
وبينما كنت وحيدا اقرأ كتابا، دق الباب، ففتحته، ووجدت امرأة متقدمة في السن، فعرفتني بنفسها وقالت:
"ارجو ان لا اكون قد ازعجتك"
"لا، ابدا، هل هناك شيئ؟"
"انا مديرة هذه البناية، وعندي رجاء"، عندها تذكرتها، كنت قد رايتها في مكتب زوجها عندما وقعت على عقد الشقة،
"تفضلي"
"في الشقة المجاورة لك تسكن ابنتي ومعها اطفالها الثلاثة، ولد وبنتان، تتراوح اعمارعم بين السابعة والحادية عشر، وهي شقتي، وانا وزوجي نحاول اخفائهم عن ابوهم، فهو سيئ وتكرر دخوله السجن لجرائم عديدة، وقد هدد ابنتي بالقتل لانها تركته، انا اعلم ان الاطفال قد يزعجوك باصواتهم العالية، ولكن ارجوك، ان ازعجوك اخبرني وانا سوف اتحدث معهم، ولكن ارجوك لا تشتكي لصاحب الشقة التي تسكن انت فيها، لان النتيجة ستكون ان يطلب اصحاب العمارة ان تترك ابنتي واحفادي الشقة و اضطر الى ذلك، وهم فقراء وليس لهم مصدر دخل، ولن يكون لهم مكان يذهبون له سوى الملجأ، وانا وزوجي ليس عندنا الا هذه الشقة ودخلنا البسيط من ادارة هذه العمارة، ارجوك اخبرني ان ضايقوك، وانا ساكلمهم"
فوجئت بكلامها، وبعد شيئ من الوقت لاستيعاب ما قالت قلت لها:
"لا تقلقي سيدتي، انا لا يزعجني الاطفال، وان حدث ان كان هناك اي شيئ فسوف اتصل بك او بزوجك واخبركم، ولن اشتكي الى صاحب الشقة"
فشكرتني وذهبت،
ومرت ايام واسابيع وانا لا اسمع اي صوت آت من الشقة المجاورة، على الرغم من ان الجدران تنقل اي صوت، فقلت في نفسي ربما تركوا المكان، وفي احد الايام وبينما كانت الثلوج تهطل في الخارج، سمعت صوتا في الطرقة بين الشقق:
"اششش، لا ترفعي صوتك"
ففتحت الباب قليلا لارى من بالخارج، فوجدت الاطفال الثلاثة يسيرون على اطراف اصابعهم حتى لا يزعجوني!! ويحملون على ظهورهم حقائب المدرسة، لقد كانوا يسكنون بجانبي ولكنهم كانوا يفعلون كل ما يستطيعون حتى لا يتم طردهم من الشقة ويذهبون الى الملجأ!
كم تحطم قلبي عندما رأيتهم يمشون على اطراف اصابعهم،
كم من الناس يمشون على اطراف اصابعهم ارضاء للاخرين او خوفا منهم؟
هل "تمشي انت على اطراف اصابعك"؟
اليس متعبا المشي على اطراف الاصابع!!
د. ماجد عشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق