الثلاثاء، 21 يوليو 2009

أساليب التربية الثلاثة

وجد العلماء انه يمكن تصنيف اساليب الاهالي في التربية الى ثلاثة انواع، وسوف اعرض هنا الى كل اسلوب ونتائجه،

1. اسلوب التربية المسيطر:
وهنا يكون هدف الوالدين هو السيطرة على الطفل، وتكون العلاقة بينهم قائمة على "الامر والطاعة"، ومهم عندهم الاحترام، ويميلون الى استخدام وسائل منها العنف والاهانة والعقاب والتخويف، وكلها تهدف الى السيطرة على الطفل وجعله يفعل ما يأمرونه به، هنا ينشأ الطفل وقد تعلم الطاعة، فيفتقد الى المبادرة والتلقائية والشخصية الواثقة من نفسها والقدرات الخلاقة، وقد يكون مهزوزا ويعاني من بعض المشاكل النفسية، والاهل قد يعتقدون ان هذا الطفل "مؤدب" نتيجة طاعته والتزامه بالتعاليم، ولكنه قد يتعلم النفاق والازدواجية حيث يتصرف امام الاهل بشكل ومن ورائهم بشكل اخر، فهو لم تزرع فيه المبادئ وانما تدرب على الطاعة، ونجد مثل هؤلاء عندما يسافرون للخارج ولا يكونون تحت رقابة الاهل يتصرفون تصرفات خارجة عن أي تقاليد واعراف حتى تقاليد وأعراف الدول المستضيفة لهم، وقد يستخدمون نفس الاساليب في تربية اولادهم وعندما تحاول توضيح ضرر هذه الاساليب لهم يقولون "انا تربيت على ذلك، انظر طلعت رجال!"، وهم لا يدرون ان بهم من العلل الكثير وان اساليبهم في البيت والعمل هي ما يعيق سعادتهم وسعادة الاخرين وتقدم البلد، وانه لولا هذا الاسلوب في التربية القائم على العقاب والامر والتخويف وتحطيم الشخصية والارادة لكانوا اكثر سعادة وصحة نفسية وجسدية واجتماعية،


2. اسلوب التدليل:
هنا لا يضع الاهل أي نظام او قيود على الطفل، يفعل ما يشاء، ويعمل الوالدان على توفير كل رغبات الطفل من العاب وخروج وغيرها، ولا يعلمان الطفل "الادب" والاخلاق والالتزام، فهذا الاسلوب هو نقيض الاسلوب الاول، الطفل ينام متى يشاء، ويذهب الى المدرسة متى يشاء، ويصيح ويهين الاخرين كبار وصغار ولا يواجه وانما ينظر الوالدان الى تصرفاته على انها "قوة شخصية" و"لطف اطفال!"، هنا يكون هناك اهمال لتربية الطفل وتترك تربيته للمربيات وهو يتصرف معهم كما يشاء، ويميل الاهل هنا الى استخدام اسماء "الدلع" لمناداة الطفل حتى بعد ان يصل الى مرحلة الرجولة، فهو دائما طفل في نظرهم، ويحاولون حمايته من الحياة وتجاربها الطبيعية، وينشأ هذا الطفل مدللا لا يعرف حدوده، ولا يقبل بأي سلطة عليه، ففي المدرسة يتوقع معاملة مميزة ولا يطيع الاساتذة ويعتقد انه افضل منهم، وفي المجتمع يتوقع اعلى المناصب فور تخرجه من الجامعة، ولا يفهم معنى الانتظار في الطابور او معنى كلمة "لا" لطلباته، وان واجه اي احتمال ان لا تجاب احتياجاته غضب بشدة وهو لا يصدق ما يحدث! فهو يتوقع ان يعامله المجتمع والناس بنفس اسلوب معاملة والديه له، وهنا ايضا تكون ثقة الشخص في نفسه مهزوزة لانه غير قادر على مجابهة الحياة وغير قادر على تحمل الحرمان، وقد يدمن المخدرات ويدخل في مشاكل مع القانون نتيجة غياب الرقابة وتوفر المال لديه والتفاف اصدقاء السوء حوله، فهم "يدللونه" مقابل المال او الحصول على اشياء اخرى منه، وهذا الاسلوب ايضا فيه خلل كبير ومضر بالشخص والمجتمع،

3. اسلوب الرعاية والتوجيه:
هنا يكون هناك توازن بين السيطرة والتدليل، ويكون الاهتمام بالرعاية والتوجيه والاقناع، يعرف الوالدان انهما يتعاملان مع طفل صغير يحتاج الى رعاية وتعليم وتوجيه واشباع، ويعلمون ان الطفل في حاجة الى نظام، النظام يخلق الاحساس بالامان في الطفل حيث يمكنه ان يعرف بوضوح ما هو المتوقع منه، فيعلمونه الحدود وما هو المقبول وما هو غير مقبول، ويكون اسلوبهم يميل الى استخدام الشرح والتعليم والاقناع، فهم يأخذون الوقت الكافي للجلوس مع الطفل وشرح الامر له، ويتجنبون استخدام العنف من ضرب واهانة، ويركزون اكثر على مكافئته ان احسن وعمل التصرف السليم، فمثلا بدل ان ينتظروا الى ان يضرب الطفل اخته يوما لمعاقبته، هم يقومون بملاحظة انه لم يضربها ويكافئونه ويمدحونه مثلا بقول "ما شاء الله، ولدنا رجال يحب اخته ويعتني بها ويحميها وما يضربها"، فبذلك يتعلم ما هو متوقع منه ويسعد بأنه يفعل الصواب، وليس مهم هنا الامر والطاعة قدرما يكون مهم ان يفهم الطفل الاخلاق وتشرح له ويساعد على القيام بها،

فمثلا الاهل من النوع الاول يقولون للولد "نبيك تجيب امتياز هذه السنة زي ولد عمك ولا تسود وجهنا، ويا ويلك لو ما جبت امتياز وطلعت الاول، ليش في الفصل الاول طالع الثالث على الفصل؟ اصل انت ما يثمر فيك شي، وضيعنا فيك مالنا وعمرنا من غير فايدة، وما ينفع معاك غير العصا"،

الاهل من النوع الثاني يقولون "لا تتعب نفسك حبيبي، المذاكرة الكتير تتعب عيونك، احنا ممكن نجبلك المدرس في البيت اذا تحب، اصل كل الاشياء تيجي بالفلوس، ولا تزعل لو ما نجحت هذي السنه، مين محتاج لهذي الشهادات، انت ممكن تجيب الف واحد بشهادة يشتغلوا عندك، على كل احنا مرتبلك رحلة لباريس مع اصحابك، لا تكدر خاطرك حبيبي!"،

والاهل من النوع الثالث يقولون "احنا نبيك تعمل افضل ما عندك في الدراسة، احنا مؤمنين ان عندك قدرات وطاقات ونبي انك تظهرها، لانه هذا فيه سعادتك ومصلحتك، قلنا كيف ممكن نساعدك لتحقيق هذا الشي، واذا ما كنت فاهم ليه لازم الواحد يعمل كل اللي عليه للنجاح قوللي وانا حشرحلك، على كل، انا لما كنت طالب كنت ادرس لمدة اربعين دقيقة واخذ عشرين دقيقة راحة اتفرج فيها على التلفزيون قليلا او العب لعبتي المفضلة، وارجع اذاكر، بس لازم تعرف زي ما اتفقنا ان لكل شي وقت واحنا ما نسمح انك تهدر وقتك في اللي ما منو فايدة، واذا حبيت تجي وتقرأ لي اللي تعلمته انا موجود، انا بحب اتعلم كمان في الموضوع هذا، ممكن انا وانت نروح المقهى القريب ونشرب شاي وتقوللي الشي اللي تعلمته بعد ما تخلص دراسة، العلم جميل والمجتمع متوقع الكثير منكم"،

اعتقد أي انسان لديه عقل يمكن ان يعرف الفروق بين هذه الاساليب وايها اكثر فائدة للطفل والمجتمع عموما، لا يمكن ان نحطم اولادنا وبناتنا نفسيا ثم نتوقع لهم ان يكونوا شبابا وشابات يحملون مسؤوليات المجتمع ويبنونه ويعملون ما فيه الخير له،


د. ماجد عبدالعزيز عشي

الاثنين، 20 يوليو 2009

فروق حضارية في تربية الاطفال

من المواد التي اقوم بتدريسها في الجامعة مادة علم النفس الحضاري، وهو فرع من علم النفس يدرس العلاقة بين النفسية وحضارة الشخص، ومن الجوانب التي درسها علماء هذا المجال الفروق بين الحضارات في تربية الاطفال، واتطرق هنا الى بعض هذه الفروق واهميتها،

في الدول الغربية عموما وفي كثير من الدول الاخرى يقوم الوالدان بتصميم غرفة في المنزل مخصصة للطفل ويجعلونه ينام فيها منذ الولادة تقريبا، ولا يحبون ان ينام معهم الطفل او المولود الجديد في نفس الغرفة حفاظا على خصوصيتهم وراحتهم ومحاولة لتدريب المولود الجديد على "الاستقلالية" وحرصا على ان لا يصاب المولود بأذى ان حصل ونام معهم في نفس السرير و "انقلب" عليه احد الوالدين اثناء النوم دون علم منه، وهذا الوضع من تخصيص غرفة للطفل لا يحدث الا في الدول الغنية او التي يملك سكانها وسعة في المنازل حتى يمكنهم تخصيص غرف للاطفال، فكلنا يعلم، على الاقل من الافلام، انه في بعض الدول وبين الطبقات الفقيرة تطر عائلة كاملة مكونة من اب وام وابناء وبنات وحتى جد وجدة من النوم في غرفة واحدة وربما تتستخدم بعض الستائر القماشية للفصل بين النائمين في حالة الحاجة للخصوصية، وانا لا اتحدث عن اقلية من البشر ولكن الكثير يعيشون كذلك في الهند والصين وافريقيا وامريكا الاتينية وبعض الدول العربية وغيرها من المناطق، فتخصيص غرف للاطفال هو رفاهية يحصل عليها فقط قلة من الناس،

كما ان فكرة عزل الطفل في غرفة لوحده لها سلبياتها، الكبار يجدون صعوبة في النوم وحدهم فما بالك بالصغار الذين هم في حاجة للرعاية والعناية وخيالهم خصب، الطفل في بداية سنوات عمره في حاجة للتعلم كيف يمكنه ان يعتمد على الاخرين ومن خلال ذلك ينمو عنده الاحساس بالانتماء والامان والثقة بان الناس يفهمونه وانه يمكنه طلب احتاجاته من الناس وسوف يحصل عليها، نعم، الطفل لا بد ان يتعلم الاعتماد قبل ان نعلمه الاستقلالية، اذا اشبعت حاجة الطفل للاعتماد عندها ينمو ويستقل، كل شيئ له وقته، وهناك مرحلة لتعلم الاعتماد في اول خمس سنوات ومرحلة لتعلم الاستقلالية عندما يبدأ الذهاب الى الروضة والمدرسة، لا داعي للاستعجال،

تواجد الطفل في غرفة لوحده منذ الولادة يجعله يتعود على ان لا يحصل على ما يريد الا اذا بكى، فالوالدان لا يأتون اليه الا اذا بكى وسمعوا بكائه، ولكن ان تواجد الطفل معهم في الغرفة فان الوالدان يكونان على تواصل معه دون الحاجة للبكاء، عندها يتعلم الطفل انه لا داعي ان يكون في ازمة حتى يحصل على انتباه الناس وعلى احتياجاته، بالطبع تواجد الطفل في الليل في غرفة الوالدين قد يكون مزعجا كما انه يحرم الوالدين من الخصوصية المطلوبة في الحياة الزوجية، فكثير من الازواج يشتكون من اصرار اولادهم على النوم معهم في نفس السرير وكثير من العلاقات الزوجية فسدت وانتهت بالطلاق نتيجة مثل هذه المشكلة على المدى الطويل، فقد يستخدم احد الزوجين ذلك حجة لتجنب المعاشرة الزوجية او للانتقام من الزوج او الزوجة نتيجة غضب ما، فالطفل عنده احتياجات والزوجة والزوج عندهم احتياجات ولا بد من ترتيب الامور بشكل يكفل اشباع احتياجات الجميع،

ومن الفروق الحضارية الطريقة التي يحمل فيها الطفل عندما يكون خارج المنزل، فمثلا في الدول الغربية يوضع الطفل في عربة الاطفال وهو في نفس اتجاه من يدفع العربة ان كان الوالد او الوالدة، بمعنى ان الطفل لا يرى من يدفعه او يتحدث اليه كثيرا، ويكون الهدف هو ان يكون الطفل مربوطا في كرسي العربة حتى لا يجري بعيدا ويعرض نفسه للخطر، وفيه راحة للوالدين وللطفل، ولكن هنا ايضا مشكلة، الطفل قد يجلس في هذه العربة لساعات احيانا وذلك مضرا بصحته ونموه حيث انه يحتاج للعب والحركة والمشي حتى تنمو عظامه وعضلاته، وقد ينام في هذه الكرسي من الاحساس بالملل حيث لا احد يكلمه او يلعب معه او يشرح له ما يحدث، بعض الاهالي يجعلون الطفل يمشي بجانبهم ويمسكون يده، وهذا يتطلب تفاهم بين الاهل والطفل على ان لا يترك يدهم ولا يجري بعيدا ويضيع او يعرض نفسه للخطر، الاطفال يحبون المشي والامساك "باصبع" الاب او الام وهم يمشون، وعادة ما يشعرون بالسعادة في ذلك، ولكن هذه مسؤولية ولا بد للاهل ان يرتبوا ان يكون دائما هناك شخص يراقب الطفل ويراعيه في كل لحظة حتى لا يضيع او يعرض نفسه للخطر،

بعض الاهالي يربطون اطفالهم بحبال او حزام طرفه في ايديهم، وهذا لا ينصح به لانه فيه معاملة شبيهة بمعاملة بعض الحيوانات المنزلية،
وبعض الاهالي يضعون الطفل في كرسي او قماش على هيئة كرسي محمول عل الظهر او على صدر الاب او الام، وهذا يكون مع الاطفال الصغار جدا ومنتشر في اوروبا وافريقيا اكثر من المناطق الاخرى،


وبعض الاهالي يتركون اولادهم مع المربيات وحتى ان خرجوا من المنزل تمشي الام او الاب بعيدا والطفل مع المربية، بالطبع الام تحتاج الى مساعدة في مسؤولية الاولاد ولكن من المهم ان يكون هناك علاقة بين الطفل والام والاب تحتوي على لعب وتمشية معا ومحادثة، من المشاكل التي يعاني منها بعض المجتمعات عدم احترام المرأة والجرائم ضد المرأة، واحد العوامل في ذلك هو ان الولد الصغير ينشأ على يد مربية "تخدمه" ويعلم انها تفعل ذلك في احيان كثيرة لاستلام المرتب اخر الشهر وانها قد تهان وتطرد وتستبدل بغيرها، الطفل لو كانت الام تقوم بتربيته لوجد ان لها سلطة عليه ولها احترامها في الدين والتقاليد ولعلم انها تربيه حبا فيه وليس للمال، الولد لا بد ان ينشأ على احترام المرأة وتقديرها وهذا يحدث عندما يشعر بالاحترام للنساء في حياته منذ الصغر ولا يرى اهانة لهم او اعتداء عليهم، ولكن تركه مع المربيات لا يولد لديه الا مشاعر غير محمودة، هناك بالطبع مربيات يحبون الاطفال ويحسنون اليهم ولكن لا يقارن ذلك بما لو قامت الام بهذا العمل بشكل اساسي وكانت المربية مساعدة في الموضوع، وكما ذكرنا في مقال اخر، فان علاقة الام بالاولاد والبنات تساعد على نقل تعاليم الدين والتقاليد الى الاطفال ومن ثمة تجهيزهم للعيش في المجتمع، وهذا لا يحدث من خلال المربيات الاتي ياتين من حضارات اخرى،

وهناك اهالي يستخدمون الضرب والشتم كأسلوب للتعامل مع الاولاد وهناك اهالي يستخدمون الحوار والاقناع والتعليم، وتحدثنا عن اضرار العنف مع الاولاد في مقال سابق، وهناك فروق حضارية في هذا الامر، فمثلا في امريكا يميل الامريكيون من اصل افريقي الى استخدام العنف مع اولادهم حتى في الاماكن العامة بينما يميل الامريكيون من اصل اوربي الى استخدام الحوار والاقناع، ويقول بعض الامريكيين الافريقيين ان ذلك هو اسلوب حضارتهم، ولكن كل الدلائل والدراسات تقول ان استخدام العنف مع الاولاد والبنات له اضرار كبيرة، هناك تغيرات تحدث في المخ نتيجة العنف المتكرر وينتج عن هذه التغيرات اعراض نفسية في المستقبل، وكل الاديان تدعو للرحمة والرأفة بالصغار،

د. ماجد عبدالعزيز عشي

الأحد، 19 يوليو 2009

التبول الاارادي عند الاطفال

غالبية الاطفال يتوقفون عن التبول الاارادي اثناء النوم عند حوالي ست سنوات، وعادة لا يحتاج الامر الى علاج قبل هذا العمر، ولكن بعض الاطفال قد يحدث عندهم هذا التبول في الفراش اثناء النوم بعد سن السادسة وقد يكون متكررا كأن يكون كل ليلة، ويكون هذا الامر اكثر بين الاطفال الذكور منه عند الاناث،

اولا لا بد ان نعرف ان عقاب الطفل على هذا الامر لا يفيد، بل قد يسبب عنده حالة نفسية نتيجة الخجل والاحساس بالذنب كما قد يسبب له اضطرابات سلوكية اخرى نتيجة القلق والخوف والاحساس بالنقص وعدم فهم ما يحدث وخصوصا اذا كان لدى الطفل اخوة لا يبللون سررهم اثناء النوم او من يستهزء به بسبب هذا الامر، الطفل لا يبلل سريره اثناء النوم عن قصد ولكن هذا الشيئ يحدث دون ارادته، وحدد المختصون عدة اسباب محتملة للتبول الاارادي عند الاطفال، وهي:

1. عوامل وراثية: اذا ما كان الاب او الام ممن عانوا من التبول الاارادي اثناء طفولتهم فقد يكون سبب ذلك جينات وراثية معينة انتقلت الى الطفل، ولا بد ان نعرف ان غالبية الاطفال يتوقفون عن التبول اثناء النوم مهما طال الوقت، كما ان هناك علاجات وادوية تساعد على ذلك،

2. الضغط النفسي: الطفل قد لا يعرف كيف يمكنه ان يعبر عن مشاكله او انفعالاته العاطفية فيصبح التبول الاارادي هو رد فعل لضغوط في حياة الطفل، وهذه الضغوط قد تكون نتيجة خلافات او مشاكل اسرية، حروب او احساس بعدم الامان، التعرض لصدمات نفسية من فقدان احد افراد الاسرة او التعرض لعنف او اعتداءات او حوادث، التغيير المتكرر في مكان السكن او المدرسة او المربيات، المشاكل في المدرسة مع الاساتذة او الزملاء، وما الى ذلك من مشاكل،

3. النمو البطيئ للجهاز العصبي: السبب ان الطفل تحت سن السادسة يجد صعوبة في التحكم في التبول بشكل تام هو ان الجهاز العصبي ما زال ينمو حتى يتحكم في المثانة، ويكون هذا النمو بطيئا عند بعض الاطفال مما يجعلهم يتأخرون شيئا ما في الوصول الى هذا التحكم، والكشف الطبي قد يظهر ان كان ذلك هو السبب،

4. خلل في الهرمونات: في بعض الحالات يكون هناك خلل في الهرمونات التي لها علاقة بافراز البول، فيتكون البول بشكل كبير اثناء النوم، وقد يكون الطفل يعاني من مرض السكرمن النوع الاول، مع العلم ان حالات السكر من النوع الثاني بدأت تظهر بين من هم اصغر سنا نتيجة السمنة، والكشف الطبي يمكن ان يبحث في هذا الاحتمال

5. خلل في صمامات: في بعض الحالات قد يكون هناك خلل في الصمامات التي تتحكم في تدفق البول من المثانة الى المجرى البولي، وايضا يمكن الكشف عنها طبيا،

6. مشاكل في الحبل الشوكي: احيانا يكون هناك خلل في الحبل الشوكي في العمود الفقري مما يجعل من الصعب على الطفل التحكم في التبول اثناء النوم، والكشف الطبي سيحدد اذا كان ذلك هو السبب،

7. صغر المثانة: في حالات تكون المثانة صغيرة مما يؤدي الى امتلائها بسرعة والاضطرار الى التبول اثناء النوم، والكشف الطبي سيحدد ذلك،

8. صعوبة الاستيقاظ اثناء النوم: بعض الاطفال يكون نومهم عميق جدا بشكل يجعل من الصعب عليهم الاستيقاظ نتيجة امتلاء المثانة، فالمثانة عندما تمتلئ ترسل اشارات الى المخ بضرورة التبول ولكن بعض الاطفال لا توقظهم هذه الاشارات من النوم نتيجة عمق النوم،

9. التهابات المجاري البولية: ويمكن الكشف عنها طبيا

وهذه بعض النصائح العملية للوالدين للتعامل مع اولادهم ان كانوا يبللون سررهم اثناء النوم:

1. حاول الحد من المشروبات قبل النوم، فذلك يؤدي الى امتلاء المثانة اثناء النوم،

2. اجعل طفلك يذهب للتبول مرتين خلال الساعة السابقة للنوم، وبذلك يتم تفريغ المثانة،

3. كافئ الطفل على الليالي التي لم يبلل فيها السرير اثناء النوم،

4. درب طفلك اثناء اليوم على عدم التبول مباشرة عند الاحساس بالحاجة للتبول، كأن تطلب منه الانتظار دقائق معدودة زيادة (وليس ساعة او فترات طويلة فذلك مضر بالطفل، ليس الهدف هنا هو تعذيب الطفل او عقابه، نحن نتحدث هنا عن دقائق معدودة لا تزيد عن خمسة دقائق) تدريبه على الانتظار سيساعد المثانة على التمدد ومن ثم تحمل كمية اكبر من البول، كما يساعد الطفل على التعلم على التحكم في الامر اكثر،

5. اطلب من الطفل ان يساعدك في تغيير شراشف السرير اذا ما تبللت اثناء النوم،

6. هناك جهاز يمكن ان يوضع في السرير او في ملابس الطفل الداخلية ويقوم بالدق اذا ما كان هناك بلل حتى يوقظ الطفل للذهاب الى الحمام،

المهم الا تلوم الطفل وتعاقبه على التبول الاارادي، فهذا لن يفيد وقد يزيد الموضوع تعقيدا، ويجب الا تحرج الطفل باخبار الاخرين بالامر او الشكوى منه او الاستهزاء به، بعض الاباء والامهات يعتقدون انهم فشلوا في دورهم اذا ما تبول الطفل اثناء النوم، وهذا غير صحيح، فهذا الامر قد يكون له اسباب كثيرة كما ذكرنا وليس لها علاقة باداء الاب او الام،

واذا كان التبول اثناء النوم مستمرا بعد سن السادسة فعلى الام والاب اخذ الطفل الى الطبيب لاجراء الفحوصات اللازمة لتحديد السبب ان كان عضويا كما ذكرنا اعلاه او لا، ومن ثم تحديد الوسائل للتعامل مع الطفل بالشكل السليم، و لا داعي للقلق، فكما قلنا، اغلب الاطفال يتوقفون عن ذلك، كما ان هناك علاجات دوائية وسلوكية متوفرة

د. ماجد عبدالعزيز عشي

الاثنين، 13 يوليو 2009

نصائح عملية للتعامل مع الاطفال

هذه بعض النصائح العملية للتعامل مع الاطفال بناء على اخر الدراسات النفسية، واقصد بالاطفال هنا ما بين العامين والثمانية اعوام، فكل مرحلة لها اساليبها في التربية،

لا تضرب الطفل او الطفلة، وهذا ينطبق على كل المراحل، الضرب يعلم الطفل ان العنف هو الاسلوب لحل المشاكل ولجعل الناس تفعل ما تريد، فالطفل يشاهد الوالد او الوالدة يستخدمون الضرب وبذلك يتعلم ان يضرب اخوته وزملاءه والعنف عموما، الضرب لا يعلم الطفل ويقنعه بما فعل خطأ، فمثلا ان ضرب الولد اخته وجاء الاب وضرب الولد، ماذا سيتعلم الولد؟ ان الضرب خطأ؟ ولكن الاب يضرب؟ وهل سيتعلم ان يستخدم اسلوب الحوار المهذب مع اخته نتيجة الضرب هذا؟ كما ان الضرب اهانة، وتؤدي الى ضعف في ثقة الطفل في نفسه، وقد يصاب بحالات نفسية نتيجة هذا العنف، والضرب قد يؤدي ايضا الى اصابات جسدية وربما الى الوفاة حتى عن دون قصد، فالطفل جسمه ضعيف وقد يعتقد الكبير ان ضربة هي خفيفة ولكنها تكون مؤذية للطفل، والضرب يجعل الطفل يخاف ويغضب وربما كره الاب او الام نتيجة هذا الضرب، واحيانا يعبر الطفل عن كرهه للوالدين اذا ما كبرا وشد عوده، عندها يتذكر كل العنف الذي عانى منه ويرده الى الوالين اما بالعنف او المقاطعة او العقوق، فجراح الطفولة تبقى،

هناك حالات لا بد فيها من استخدام العقاب لتوضيح ان للتصرفات عواقب وان هناك نظام لا بد للجميع الالتزام به، ولكن ليس بالضرب، يمكن حرمان الطفل من اشياء معينة لوقت معين، مثل حرمانه من مشاهدة التلفزيون ليوم او من لعب الكرة ليوم، ولا بد ان تكون العقوبة مناسبة للعمل، ولابد ان يشرح الوالدان للطفل ما هو الخطأ الذي ارتكبه وكيف كان ذلك مؤذيا وماذا كان عليه فعله بدل ارتكاب الخطأ، فمثلا ان دخل الطفل الى المطبخ وحاول اكل شيئ من الثلاجة وانكسر شيئ مع ان الام اخبرته بعدم فعل ذلك، اولا لا بد ان تجلس الام في مستوى الطفل ولا تحدثه من اعلى، بمعنى ان تجلس على كرسي او على الارض وتحدثه، فذلك يجعله يشعر ان الام او الاب في نفس مستواه، كما ان على الام او الاب ان ينظروا الى عيون الطفل من دون تخويف ويطلبون من الطفل ان ينظر الي عيونهم اثناء الحديث، فالاطفال من السهل ان يتشتت ذهنهم والهدف هو ان تتأكد ان الطفل منتبه لما تقول، وابدأ بان تسأل الطفل "لماذا فعلت ذلك؟"، فاحيانا يكون للطفل اسباب وجيهة، فقد يكون الطفل جائعا ولم يجد احد يطعمه فذهب الى المطبخ بحثا عن طعام، لا تعتقد دائما ان هناك نية سيئة او سوء خلق، فهذا طفل، وبعد الاستماع الى شرح الطفل يمكن للام ام تساله لماذا لم يفعل ما يتمشى مع ما قالته الام سابقا، فمثلا،
الطفل يقول: لقد كنت جائعا؟
الام: لماذا لم تأتي الي وتطلب منى ان احضر لك الاكل؟

اجابة الطفل قد تظهر امور مهمة، انظروا مثلا لهذه الاجابات المحتملة وكيف سيكون رأيكم في وضع هذا الطفل:
الاجابة الاولى: لم اكن اعرف ياماما انه علي فعل ذلك
الاجابة الثانية: لقد كنت نائمة ولم ارد ازعاجك
الاجابة الثالثة: لقد كنت اريد ان اكون مثل اختي الكبيرة واحضر اكلي بنفسي

هل كان الاب او الام سيفهمون اي شيئ عن تفكير الطفل بالضرب؟ من السهل ان تأتي في حالة غضب وتضرب الطفل ولكن تكون قد فقدت فرصة مهمة للتعرف على الطفل وفكره واحتياجاته وفرصة لتعليمه التعبير عن النفس والحوار،
عندما يخطئ الطفل فان تلك فرصة لا تعوض لتتعرف عليه وتكون اقرب اليه ولتعليمه ولتحسين علاقتكم، ولكن مع الاسف الكثيرون يضيعون هذه الفرصة ويستخدمون العنف والاهانة ولا ينتج عن ذلك الا الخوف والغضب والعنف والكره، نعم قد يطيع الطفل الاوامر نتيجة الخوف من العنف والاهانة، ولكن هل تريد ان يكون طفلك مهزوزا خائفا عنيفا غاضبا كارها لك ام تريده ان يكون انسانا واثقا من نفسه يحترمها ويعلم ويفهم باقتناع ما عليه عمله؟

لابد ان تكون الانظمة في المنزل واضحة ويتفق عليها الوالدان، فمن اسوأ الامور ان يكون للاب نظام مثلا وعندما يخرج من البيت يكون للام نظام اخر، فهذا يخلق فوضى عند الطفل واعتقاد بان الانظمة تختلف حسب الشخص وتجعله يتعلم النفاق والكذب والازدواجية، الاب والام لابد ان يضعوا الانظمة معا واحيانا بمشاركة الطفل، مثلا يمكنهم ان يسالوا الاطفال: لو حدث ان ضرب احدكم الاخر، ما هي العقوبة التي ترونها مناسبة لذلك؟ وقد يتفق الجميع على ان العقوبة ستكون الحرمان من مشاهدة التلفزيون ليوم مثلا، بذلك يشعر الطفل انه يشارك وليس فقط متهم، وبعد وضع النظام لابد للجميع الالتزام به، فالضرب ممنوع في البيت، على الجميع، وليس فقط للاطفال وبعد ذلك يشاهدون الاب يضرب والام تضرب وما الى ذلك، من المهم جدا لصحة الاطفال النفسية ان يكون هناك نظام يومي محدد ومكرر ونظام واضح ومتبع حتى يشعرون بالامان، القلق ينتج عند الطفل عندما لا يكون هناك استقرار اسري ونظام وجدول يومي محدد،

الاستقرار الاسري مهم سواء كان الوالدان في نفس البيت او لم يكونا كذلك نتيجة طلاق او وفاة احدهما او تكرر سفر الوالد، يمكن ان يكون هناك استقرار اسري في كل الاحوال، والاختلافات الاسرية يجب الا تنعكس على اسلوب التعامل مع الاطفال او في الاستقرار المطلوب لهم، فخلافات الوالدان لابد ان تكون بينهما ولا يدخلا الاطفال فيها، بعض الناس يستخدمون اولادهم في معاركهم، ويحاولون ان يزرعوا كره الطرف الاخر في الطفل كما يحاولون ان يجعلوا الطفل في صفهم ويعبر من خلال القول والعمل عن عواطفهم نحو الطرف الاخر، هذا منتهى عدم النضج وفيه اكبر ضرر للطفل، الطفل يحتاج للوالد والوالدة ومحاولة اي طرف ابعاده عن الاخر فيه اذى كبير، لابد من عدم استخدام الطفل لاثبات ان طرف افضل من الاخر، بالطبع هناك حالات شاذة يكون فيها احد الوالدين خطرا على الطفل ولكن نتحدث هنا عن عامة الحالات،

ويجب الا يكون هناك تفريق بين الاطفال في المعاملة، فهذا يخلق حقد وحسد وغيرة بينهم قد تدوم طول العمر، ويجب الا يفضح الوالدان اولادهم في الاماكن العامة او امام الاهل او امام الاطفال الاخرين، فبعض الناس يشتكون اطفالهم الى اهاليهم او اصدقائهم او يقولون للطفل كن مثل فلان امام الاطفال الاخرين او يضربوهم ويهينونهم امام الناس، في البداية على الام او الاب تذكير الطفل بالقواعد السلوكية قبل الخروج من البيت، واذا اخطأ الطفل فعليهم اخذه جانبا وتذكيره بالقواعد وتعريفه انه اخطأ، والحديث معه في البيت، من علامات الفوضى الاسرية ان نجد الاباء او الامهات في حفلات اسرية او اماكن عامة وطوال الوقت وهم في عراك مع اطفالهم "ياولد اقعد عاقل، يابنت اجلسي!!" وبذلك لا يستمتع الاهل بالخروج ولا الاطفال ولا باقي الحاضرين، المشكلة هنا هي في اسلوب التربية، الطفل يستغل وجود الناس الاخرين لفعل ما يشاء، كأنها حرية، فلابد ان يفهم الوالدان الاطفال ان الامر هو امر تعاون بين اعضاء الاسرة حتى يستمتع الجميع بالخروج،

مع الاسف هناك اهالي يبحثون دائما عن اشباع احتياجاتهم، وهؤلاء هم غير مستعدين لانجاب وتربية الاطفال، فالاب يريد الهدوء دائما ويريد ان ينام ويريد ان يخرج مع اصحابه ويريد ان يمضى وقت مع زوجته ويريد ويريد، والزوجة تريد ان تتحدث في الهاتف وتريد ان تنام وتريد ان لا يطلب منها الاطفال شيئا وتريد وتريد، والاطفال بطبيعة كونهم اطفال يريدون الرعاية والاهتمام والمساعدة والحماية واللعب واشباع احتياجاتهم المختلفة، لابد ان يتعاون الجميع من اجل اشباع احتياجاتهم المختلفة، وهذا هو دور الاسرة، اشباع احتياجات اعضائها، وليس فقط اشباع احتياجات عضو واحد!!

والاطفال يحتاجون الى وجود الكبار معهم ونصحهم وتوجيههم، يخطئ بعض الاهالي باعتقاد ان كل ما يريده الطفل هو المال والالعاب ويتركونهم طوال الوقت مع "الشغالات والمربيات"، اغلب هؤلاء العاملات ياتون من دول لها حضارة مختلفة، ودور الام والاب هو نقل حضارة المجتمع ودينه الى الاطفال لتجهيزهم لان يكونوا اعضاء فاعلين في المجتمع، ولكن ترك الاطفال هكذا مع المربيات لا يجعل الاطفال يتعلمون قيم المجتمع الذي يعيشون فيه، وينشأ جيل منقطع عن مجتمعه ولا يملك قيم مجتمعه بل في حالات لا يملك اي قيم، فالمربية اهتمت بالاكل والشرب والاستحمام، والمدرسة اهتمت بتدريس المواد، والطفل ترك للاعلام والانترنت والاصحاب لتعلم القيم، وهذا يفسر الى حد ما انتشار مظاهر اجتماعية لم تكن موجودة من قبل، ناتجة عن عدم نقل القيم الاسرية والاجتماعية للاطفال،

ما نزرع سنحصد، وان وضعنا الحب والاحترام والاهتمام والرعاية في اولادنا فاننا سنحصد كل الخير في المستقبل باذن الله

د. ماجد عبدالعزيز عشي