الأربعاء، 3 أبريل 2024

دروس الحياة

كتب بعض علماء النفس من امثال كارل يونج وغيره ان هناك فوائد عديدة من دروس الحياة، ومن هذه الدروس ان هذه الصعاب والاختبارات تخرج المكنون في النفوس وتجعل الشخص يظهر جوانب في نفسه كان يخفيها او لا يعلم اساسا بوجودها، فالانسان منا عندما تواجهه مشكلة في الحياة فانه يعمل على حلها، وفي محاولته حل المشكلة فانه يظهر جانب جديد في نفسه او يتعلم مهارة جديدة او يصبح على اتصال بجانب لم يعلم بوجوده مسبقا في نفسه، وعندما يظهر هذه الجوانب فان نفسيته تنضج وشخصيته تصبح اكثر تكاملا،


فمثلا قد يواجه شخص موقفا يتطلب منه ان يكون اكثر حزما، وربما كان يتجنب اظهار الحزم في الماضي خوفا من العواقب او ظنا بأنه غير قادر على الحزم، هذا الشخص كان يخفي في داخله القدرة على الحزم، ونتيجة اخفاءه لهذا الجانب فانه سيتعرض لمشاكل كثيرة تتطلب منه الحزم، فهذه المشاكل تحاول مرارا وتكرارا دفعه لاظهار هذا الجانب المخفي في شخصيته، وتستمر المشاكل وتتكرر الى ان يخرج المخفي في نفسه وبعدها تنتهي هذه النوعية من المشاكل،


اذا المشاكل تأتي بهدف اظهار ما خفى في النفس وبهدف مساعدة الشخص على ان تتكامل شخصيته وتنمو ويصبح على وعي واتصال بكل جوانب نفسه، والمشاكل والتحديات تزيد كلما اخفى الانسان جوانب في نفسه وشخصيته، واحيانا ينظم الانسان حياته بشكل يهدف الى اخفاء جوانب من نفسه وشخصيته، فتصبح حياته مرتبة على اساس اخفاء هذه الجوانب، ويقاوم اي اوضاع او مواقف تظهر ما يخفي، فيكون حذرا ودفاعيا، ولا يكون مسترخيا وتلقائيا وعلى طبيعته، هنا يمر هذا الشخص بمواقف عديدة تحاول ان تدفعه لاخراج ما في نفسه ليكون اكثر تكاملا وتوازنا في الشخصية،


المشاكل تقل في حياة الانسان كلما كان على اتصال بكل جوانب نفسه، الحياة وتجاربها تساعد الانسان على اكتشاف الذات ومعرفة النفس، اذا نظرت بتمعن فانك ستجد ان غالبية تجارب الحياة والعلاقات والمشاكل هي مما يساعد الانسان على اكتشاف جوانب في نفسه لم يعرفها مسبقا، والعجيب ان الانسان ينجذب الى مواقف ومشاكل معينة تهدف الى اظهار ما يخفي في نفسه، ففعل الاخفاء في حد ذاته يجعله ينجذب لا شعوريا لمواقف تظهر المخفي،


لا يمكن لانسان يستلم شيئا في يده اذا كانت مقبوضة، فاليد لا بد ان تكون في الوضع المناسب حتى يستلم الانسان اشياء، وكذلك الحال مع السعادة، لا بد ان يكون الانسان في الوضع النفسي المناسب لكي يستقبل السعادة، لا يمكن له ان يشعر بالسعادة وان يستقبلها ان كان في وضع نفسي غير مناسب، والمشاكل ودروس الحياة قد تجعل الشخص في وضع نفسي غير مناسب لاستقبال السعادة، ولكن هل يمكن من تصحيح ذلك؟ نعم، الحياة ايضا فيها دروس تعمل على تصحيح ما افسدته دروس اخرى، والشر لا ينبع الا من نفس فيها اعوجاج ما، فمن كان معوجا يرى كل الامور معوجة، واذا اساء اليك انسان فاتركه لنفسه وعقله، فهذه اكبر عقوبة له انه نفسه بشرها، وعقله المعوج لا محالة سيقوده لهلاكه،

دكتور ماجد عشي

ليست هناك تعليقات: