بعض الناس ينظرون لكبر السن على انه مشكلة ويخافون التقدم في العمر، وذلك ناتج اساسا عما يرونه في اسرهم والاعلام عن تصرفات واحوال كبار السن، لا شك ان التقدم في العمر له مشاكله الصحية والنفسية والمادية والاجتماعية، ولكن هل هو الطبيعي والحتمي ان يرتبط كبر السن بهذه المشاكل؟
التقدم في العمر يصحبه تغيرات جسمية ونفسية ومادية واجتماعية، وهذه التغيرات لا تحدث فجأة ولكنها تصاحب الانسان من ولادته الى وفاته، فالتغير حاصل ومستمر في حياة الانسان ولا يتوقف للحظة، المشكلة اننا لا نحب التغيرات الطبيعية ونحاول مقاومتها، تخيل طفلا يخاف ان يصبح عمره عشرين! ماذا ستقكر عن هذا الطفل؟ هل هذا خوف طبيعي؟
كلنا يعلم ان هناك فروق كبيرة بين الناس في التقدم في السن، فهناك من تظهر عليه علامات الكبر اكثر من غيره، وهذا له علاقة بعدة عوامل مثل الوراثة والضغوط النفسية والمادية واسلوب الحياة في الشباب من حيث الاكل والحركة والتدخين والشرب والادمان، كما ان له علاقة بالتدين وحسن العلاقات الاجتماعية والاسرية يالاضافة لعوامل اخرى،
ووجد الباحثون ان النساء في جميع انحاء العالم تقريبا يعشن في المتوسط خمسة الى سبعة سنوات اكثر من الرجال، وقد يكون ذلك نتيجة تعرض الرجال لمخاطر اكثر من حروب واعمال خطرة مثل الشرطة والبناء وغيرها، كما قد يكون له علاقة بحياة الشباب احيانا من تدخين وغيرها، كما وجد الباحثون ان اليابانيون يعيشون الاطول في العالم وقد يكون ذلك بسبب الاكل الياباني الصحي واعتمادهم على المشي بدل ركوب السيارة، ولاشك ان تفشي الفقر والمرض وعدم توفر الرعاية الصحية تلعب دورا في صحة الانسان،
وهناك العديد من القدرات التي تتغير في الانسان للافضل مع تقدم العمر، ويقسم العلماء كبر السن الى ثلاث انواع: تقدم العمر الطبيعي، وتقدم العمر الذي به خلل، وتقدم العمر المثالي. فهناك امور طبيعية مع تقدم العمر مثل ظهور الشيب وبعض التجاعيد وتغيرات جسمية ونفسية اخرى، ولكن هناك اناس يكون تقدمهم في العمر تصاحبه اعراض امراض من سكر وضغط واوجاع الركب واكتئاب وعصبية وتغيرات جسمية كثيرة اخرى، هذه الامور ناتجة عن اعراض امراض واسلوب حياة غير صحي وليست ناتجة كلها عن الكبر، فيجب ان لا نخلط بين اعراض الكبر الطبيعية واعراض الامراض والحياة غير الصحية، وهناك اناس يكونون في الكبر على احسن حال جسميا ونفسيا واجتماعيا، يمارسون انواع تناسب عمرهم من الرياضة وسعداء ولهم علاقات ممتازة، فالعمر ليس فقط رقم السنين منذ الولادة، ولكن هناك العمر النفسي، فهناك اشخاص يكون عمرهم ثلاثون ولكن نفسيتهم كمن عمره ستون، والعكس صحيح، وهناك ايضا العمر الاجتماعي، فشخص عمره اربعون وجد قد يراه الناس اكبر في العمر من شخص عمره خمسون ولم يتزوج بعد، فهناك العمر الحقيقي من حيث الرقم وهناك العمر الذي يشعر به الانسان وهناك العمر الذي يراه الناس لك.
فالناس تحكم على عمر الشخص ليس فقط من خلال الشكل ولكم من وضعك الاجتماعي والمواضيع التي تتحدث فيها واسلوب كلامك، فان قابلت شخصا واخذ يحدثك عن الثورة المصرية وعباس فارس ومدارس الفلاح في جدة فقد يعطيك ذلك انطباع عن تقدم عمره، ماذا ستفكر عن رجل عربي عمره ستون وتذكر له حرب رمضان ويقول لك انه لم يسمع بها؟! ماذا لو ذكرت له احد المغنين الشباب وقال انه لم يسمع به؟ فكل عمر له اهتماماته واحداثه التي توحد جيل بكامله.
المجتمع يتوقع امور معينة من الشخص في مراحل الحياة المختلفة، ويرفض امور اخرى، فكثير من تصرفات كبار السن مفروضة عليهم فرضا من المجتمع، ففي المجتمع العربي من العيب ان يجري رجل عمره سبعون في الشوارع ليمارس الرياضة، او ان تقع امرأة عمرها سبعون في الحب وترغب في الزواج بعد وفاة زوجها، بينما تكون هذه الامور اكثر قبولا في مجتمعات اخرى، لكل مجتمع تقاليد، ومظاهر كبر السن في جزء منها ناتج عن هذه التقاليد،
فهناك عوامل عديدة تحدد كيف يكون كبر الشخص.
د. ماجد عشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق