الثلاثاء، 23 يونيو 2015

الحب من طرف واحد من الناحية النفسية (المقالة الثالثة)

شيئ عادي ان يحب الانسان قبل ان يتأكد من مبادلة الطرف الاخر له هذه المشاعر، الحب لا يحدث دوما من الطرفين، ومن الطبيعي ان يصبر الشخص ويعطي الطرف الاخر وقتا حتى يعرفه اكثر ويعرف ما يريد اكثر، وان يكون عنده امل ان يشعر المحبوب بشيئ ما في يوم من الايام، ولكن من غير الطبيعي ان يستمر الشخص في الامل وتسبيب المعاناة لنفسه وللاخر واناس اخرين باسم الحب من طرف واحد، وغالبا لا يكون هناك شيئ حقيقي تبنى عليه المشاعر، ربما تحدثوا او تقابلوا عدة مرات، وربما كان هناك علاقة سريعة، ولكن يجد المحب صعوبة في فهم ان مشاعر الطرف الاخر قد تغيرت او انه ربما اساء فهم ما يحدث، ربما الطريقة التي تصرف بها المحبوب في البداية هي طريقة يتعامل بها مع غالبية الناس، ربما يضحك ويجامل ويمازح غالبية الناس، ربما اراد فقط ان يشعر بجاذبيته من خلال اختبار اعجاب الشخص به،

 ربما فكر او استشار واقنعه احد بان هذا المحب غير مناسب، وربما قابل شخص اخر او كان في علاقة مع شخص وكانت العلاقة في مرحلة سيئة وعندها حاول ان يجرب بدء علاقة جديدة ولكن عاد الحب القديم والتهى به، المشاعر تتغير عند كثير من الناس، ونحن نعيش في زمن فيه عرض كثير من الناس، وكثير من الناس اليوم يعتقدون انه بامكانهم استبدال الناس والعلاقات حينما لا تعجبهم او تشبع رغباتهم، فلا داع للصبر ومحاولة التأقلم، فاذا كان هناك عرض افضل تركنا "البضاعة" التي في يدنا وذهبنا الى الافضل، هذا المنطق موجود منذ قدم الزمان ولكن اصبح بكثرة هذه الايام، والمحب من طرف واحد قد لا يفهم ما يحدث، ولا يفهم ان الناس تبحث عن ما يناسبها

دعني اعطيكم بعض الامثلة، شخص يحب فتاة وهو انسان جيد ويريد الزواج منها، هي كانت سعيدة ورأت فيه امكانية لتحقيق احلامها بالزواج، ذهبت الى اهلها واخبرتهم عن هذا الشاب، فقال لها الاهل ان هذا الزوج غير مناسب لاختلاف في الاصل او الدين او المذهب او لأن هناك عريس اخر او لأي سبب، وأعطوها معلومات عن العريس الاخر وبدأت تفكر ان كان افضل، هذا شيئ طبيعي وليس عدم نضج كما قد يصمها البعض، من حقها ان تفكر وتختار الافضل لها والمناسب لها ولاسرتها وحياتها

ومثل اخر، شاب تعرف على فتاة، واظهر لها الحب، وبما كان صادقا في مشاعره، وحاول كثيرا ان يحصل منها على صور او علاقة ما قبل الزواج، واعطته شيئا قبل الزواج، وبعد حصوله عليه بردت مشاعره ورغبته واصبح يبتعد عنها وهي لا تفهم ما حدث

او شاب تعرف على فتاة اظهرت له محبة وهام بها، وهي في الحقيقة تريد منه مالا لصرفه على نفسها او على ادمانها لنوع ما من المخدرات او حتى لاعطاء المال لحبيبها، وعندما تعلم انه لا يملك المال او لن يعطيها تبتعد وهو لا يفهم ما حدث

او فتاة احبت رجلا ولكنه يعاني من الاكتئاب ولم يخبرها وفي احيان كثيرة يبتعد عن الناس ولا يرد على هاتفه ولا يتصل بها وهي لا تعلم لماذا

او شاب عنده مرض جنسي ما ولا يريد اخبار من تحبه ولا يريد ان تستمر العلاقة حماية لها

او شابه عندها محب اخر وهدد بايذاء هذا المحب الجديد وهي تبتعد حماية له ولا تريد اخباره

او شابه تعمل في جهاز سري وتكون علاقة مع الناس لمعرفة معلومات ومن ثمة تبتعد، ولا يفهم المحب ما يحدث

او شابه تعاني من مشاكل نفسية تجعلها لا تثق في الرجال وحبهم او تريد الانتقام نتيجة تجربة مؤلمة سابقة وتبتعد عن كل من يعبر عن حبه، بعد ان تكون قد استدرجته

او شاب احب فتاة دون ان "تعطيه وجه" اصلا، وربما رفضته وعاملته بقسوة من البداية، وهو يحسب ان بحبه سيجعلها تعرف قيمته او ترد له كرامته او تعالج ثقته في نفسه التي اهتزت

المقصود ان عدم تجاوب المحبوب مع المحب قد يكون لسبب من مليون سبب ولا يعرفه المحب ولن يعرفه وربما ليس من حقه ان يعرفه، ان المحب يجب ان يؤمن في حرية الاختيار للمحبوب، ولا بد ان يحترم كلامه ومشاعره،  ان احببت فاعط من تحب حريته، حتى وان كانت سعادته مع غيرك

ولكن ماذا يخدم الحب من طرف واحد؟ وما هي اسبابه؟

وللحديث بقية

د. ماجد عبدالعزيز عشي

ليست هناك تعليقات: