السبت، 20 يونيو 2015

الحب من طرف واحد من الناحية النفسية (المقالة الثانية)

ان الحب من طرف واحد وما يصحبه من مشاعر حزن وغضب وغيرة وتخبط وحيرة ونقص في الثقة بالنفس وغيرها من المشاعر، هذا الحب هو أحد الاسباب الرئيسية للمشاكل النفسية، وكثير ممن اتجه للاجرام او التطرف او الانحلال او الارهاب او الادمان كان يعاني من قصة حب فشلت، كانوا يحلمون بالحب الذي يخرج الخير من داخلهم، وكانوا يأملون في الارتقاء من خلال الحب، ولكن فشلت القصة، او خانهم الحبيب، او رفضهم او رفضه أهله، او كانت من طرف واحد، عندما يفقد الانسان الامل في وجود الحب قد يتوجه الى أي شيئ يعتقد انه قد يعيد له كرامته او يشفي ألمه، سواء كان ذلك في الخيال او في الادمان او في الجريمة بأنواعها او في المشاكل النفسية ذاتها، هذا الامر هو خطر قومي وأمني وصحي كبير، ولا أعتقد ان الكثيرين يعرفون ما يحدث للقلوب المحطمة

والناس دائما تركز على الم ومعاناة المحب من طرف واحد ولا يلقون بالا لمعاناة المحبوب، هل جربت أن يحبك شخص وانت لا تبادله هذه الحب؟ ربما تكن لمن يحبك مودة واحترام ولكن ليس بالشكل الرومانسي والعاطفي، المحبوب من طرف واحد يشعر بالغضب لأن الشخص الاخر يريد ان يحول العلاقة في اتجاه لا يريده المحبوب، ولأن هذا المحب لا يريد ان يستمع لما يقوله المحبوب، وكأن مشاعر المحبوب ورأيه ليس لهم أي أهمية، وقد يشعر المحبوب بالذنب لمعاناة المحب ولا يدري ما يفعل، فيبدأ بالرد بشكل لطيف مهذب وحساس ولكن أمام اصرار المحب يتدرج المحبوب في اسلوب الرفض في محاولة لافهام المحب الذي لا يسمع ولا يريد ان يفهم، فيصبح أكثر صراحة واكثر قسوة، والمحبوب لا يريد ان يتعامل مع أحد بهذا الشكل ولكن لا حيلة امامه الا هذه حيث لا يجدي الكلام، والمحب قد يقوم بالحديث السلبي والغاضب سواء للمحبوب او عنه عند الاهل والاصدقاء، ومن المضحك المبكي، وفي الحقيقة من أكثر الاشياء التي تثير غضبي، هو لجوء البعض لوصم المحبوب الذي لا يتجاوب باوصاف وتشخيصات نفسية، فلا بد انه ضال ويحب المعاصي، او انه يعاني من مشاكل نفسية تجعله غير قادر على الحب، او انه يفضل "الزجاج على الالماس الحقيقي" وما الى ذلك من تحليلات، وهذه التفسيرات قد تساعد الشخص في تجنب الاحساس بألم الرفض والفقدان والوحدة واهتزاز الثقة بالنفس، ولكن مؤقتا، وفي هذه التفسيرات اعتداء واحتقار للمحبوب واختياراته، وفي حالات قد يصل الامر بالمحب ان يراقب ويتابع المحبوب على الانترنت وفي صفحات الشبكات الاجتماعية او في الواقع، فقد ينتظر خارج بيته او مكان عمله ليعرف تحركاته وعلاقاته، وقد يراقب ايضا من يعتقد ان لهم علاقة بالمحبوب، وفي عقل هذا الانسان ان ما يفعله هو ناتج عن حب، ولكن في عقل المحبوب ما يفعل هذا الانسان هو اعتداء وتجاوز للحدود وعدم احترام مشاعر واختيارات المحبوب، وقد يشعر المحبوب بالخوف والقلق والخطر، ففي نظره ان ما يفعله هذا الشخص هو ضرب من الجنون وتهديد ومحاولة للتحكم واحساس بالتملك، ان عدم قدرة المحب على رؤية الواقع والاستماع لما يقول المحبوب عن مشاعره والاصرار في مواصلة الامل كلها تشعر المحبوب بالخوف والفزع والغضب

وأحيانا يكون المحبوب في علاقة حب مع شخص اخر، وهنا يقوم المحب بالحديث السلبي عن ذلك الشخص للمحبوب او لاناس اخرين، وقد ينعته بابشع الاوصاف ويتكلم عنه وكأنه غير أنسان وباحتقار، فهذا المحب غير قادر على رؤية ذلك الشخص على انه انسان مثله له محاسنه وحدوده، له اماله واحلامه، وانه يطمع في السعادة مثله، ويعتدي على ذلك الشخص بالكلام او حتى بالفعل في بعض الاحيان، وهذا النوع من المحب الولهان قد قرر انه المناسب لمحبوبه وان أي شخص يقف في طريقه فانه شر، حتى ان كان المحبوب ذاته

وللحديث بقية

د. ماجد عبدالعزيز عشي

ليست هناك تعليقات: