هذه بعض النصائح العملية للتعامل مع الاطفال بناء على اخر الدراسات النفسية، واقصد بالاطفال هنا ما بين العامين والثمانية اعوام، فكل مرحلة لها اساليبها في التربية،
لا تضرب الطفل او الطفلة، وهذا ينطبق على كل المراحل، الضرب يعلم الطفل ان العنف هو الاسلوب لحل المشاكل ولجعل الناس تفعل ما تريد، فالطفل يشاهد الوالد او الوالدة يستخدمون الضرب وبذلك يتعلم ان يضرب اخوته وزملاءه والعنف عموما، الضرب لا يعلم الطفل ويقنعه بما فعل خطأ، فمثلا ان ضرب الولد اخته وجاء الاب وضرب الولد، ماذا سيتعلم الولد؟ ان الضرب خطأ؟ ولكن الاب يضرب؟ وهل سيتعلم ان يستخدم اسلوب الحوار المهذب مع اخته نتيجة الضرب هذا؟ كما ان الضرب اهانة، وتؤدي الى ضعف في ثقة الطفل في نفسه، وقد يصاب بحالات نفسية نتيجة هذا العنف، والضرب قد يؤدي ايضا الى اصابات جسدية وربما الى الوفاة حتى عن دون قصد، فالطفل جسمه ضعيف وقد يعتقد الكبير ان ضربة هي خفيفة ولكنها تكون مؤذية للطفل، والضرب يجعل الطفل يخاف ويغضب وربما كره الاب او الام نتيجة هذا الضرب، واحيانا يعبر الطفل عن كرهه للوالدين اذا ما كبرا وشد عوده، عندها يتذكر كل العنف الذي عانى منه ويرده الى الوالين اما بالعنف او المقاطعة او العقوق، فجراح الطفولة تبقى،
هناك حالات لا بد فيها من استخدام العقاب لتوضيح ان للتصرفات عواقب وان هناك نظام لا بد للجميع الالتزام به، ولكن ليس بالضرب، يمكن حرمان الطفل من اشياء معينة لوقت معين، مثل حرمانه من مشاهدة التلفزيون ليوم او من لعب الكرة ليوم، ولا بد ان تكون العقوبة مناسبة للعمل، ولابد ان يشرح الوالدان للطفل ما هو الخطأ الذي ارتكبه وكيف كان ذلك مؤذيا وماذا كان عليه فعله بدل ارتكاب الخطأ، فمثلا ان دخل الطفل الى المطبخ وحاول اكل شيئ من الثلاجة وانكسر شيئ مع ان الام اخبرته بعدم فعل ذلك، اولا لا بد ان تجلس الام في مستوى الطفل ولا تحدثه من اعلى، بمعنى ان تجلس على كرسي او على الارض وتحدثه، فذلك يجعله يشعر ان الام او الاب في نفس مستواه، كما ان على الام او الاب ان ينظروا الى عيون الطفل من دون تخويف ويطلبون من الطفل ان ينظر الي عيونهم اثناء الحديث، فالاطفال من السهل ان يتشتت ذهنهم والهدف هو ان تتأكد ان الطفل منتبه لما تقول، وابدأ بان تسأل الطفل "لماذا فعلت ذلك؟"، فاحيانا يكون للطفل اسباب وجيهة، فقد يكون الطفل جائعا ولم يجد احد يطعمه فذهب الى المطبخ بحثا عن طعام، لا تعتقد دائما ان هناك نية سيئة او سوء خلق، فهذا طفل، وبعد الاستماع الى شرح الطفل يمكن للام ام تساله لماذا لم يفعل ما يتمشى مع ما قالته الام سابقا، فمثلا،
الطفل يقول: لقد كنت جائعا؟
الام: لماذا لم تأتي الي وتطلب منى ان احضر لك الاكل؟
اجابة الطفل قد تظهر امور مهمة، انظروا مثلا لهذه الاجابات المحتملة وكيف سيكون رأيكم في وضع هذا الطفل:
الاجابة الاولى: لم اكن اعرف ياماما انه علي فعل ذلك
الاجابة الثانية: لقد كنت نائمة ولم ارد ازعاجك
الاجابة الثالثة: لقد كنت اريد ان اكون مثل اختي الكبيرة واحضر اكلي بنفسي
هل كان الاب او الام سيفهمون اي شيئ عن تفكير الطفل بالضرب؟ من السهل ان تأتي في حالة غضب وتضرب الطفل ولكن تكون قد فقدت فرصة مهمة للتعرف على الطفل وفكره واحتياجاته وفرصة لتعليمه التعبير عن النفس والحوار،
عندما يخطئ الطفل فان تلك فرصة لا تعوض لتتعرف عليه وتكون اقرب اليه ولتعليمه ولتحسين علاقتكم، ولكن مع الاسف الكثيرون يضيعون هذه الفرصة ويستخدمون العنف والاهانة ولا ينتج عن ذلك الا الخوف والغضب والعنف والكره، نعم قد يطيع الطفل الاوامر نتيجة الخوف من العنف والاهانة، ولكن هل تريد ان يكون طفلك مهزوزا خائفا عنيفا غاضبا كارها لك ام تريده ان يكون انسانا واثقا من نفسه يحترمها ويعلم ويفهم باقتناع ما عليه عمله؟
لابد ان تكون الانظمة في المنزل واضحة ويتفق عليها الوالدان، فمن اسوأ الامور ان يكون للاب نظام مثلا وعندما يخرج من البيت يكون للام نظام اخر، فهذا يخلق فوضى عند الطفل واعتقاد بان الانظمة تختلف حسب الشخص وتجعله يتعلم النفاق والكذب والازدواجية، الاب والام لابد ان يضعوا الانظمة معا واحيانا بمشاركة الطفل، مثلا يمكنهم ان يسالوا الاطفال: لو حدث ان ضرب احدكم الاخر، ما هي العقوبة التي ترونها مناسبة لذلك؟ وقد يتفق الجميع على ان العقوبة ستكون الحرمان من مشاهدة التلفزيون ليوم مثلا، بذلك يشعر الطفل انه يشارك وليس فقط متهم، وبعد وضع النظام لابد للجميع الالتزام به، فالضرب ممنوع في البيت، على الجميع، وليس فقط للاطفال وبعد ذلك يشاهدون الاب يضرب والام تضرب وما الى ذلك، من المهم جدا لصحة الاطفال النفسية ان يكون هناك نظام يومي محدد ومكرر ونظام واضح ومتبع حتى يشعرون بالامان، القلق ينتج عند الطفل عندما لا يكون هناك استقرار اسري ونظام وجدول يومي محدد،
الاستقرار الاسري مهم سواء كان الوالدان في نفس البيت او لم يكونا كذلك نتيجة طلاق او وفاة احدهما او تكرر سفر الوالد، يمكن ان يكون هناك استقرار اسري في كل الاحوال، والاختلافات الاسرية يجب الا تنعكس على اسلوب التعامل مع الاطفال او في الاستقرار المطلوب لهم، فخلافات الوالدان لابد ان تكون بينهما ولا يدخلا الاطفال فيها، بعض الناس يستخدمون اولادهم في معاركهم، ويحاولون ان يزرعوا كره الطرف الاخر في الطفل كما يحاولون ان يجعلوا الطفل في صفهم ويعبر من خلال القول والعمل عن عواطفهم نحو الطرف الاخر، هذا منتهى عدم النضج وفيه اكبر ضرر للطفل، الطفل يحتاج للوالد والوالدة ومحاولة اي طرف ابعاده عن الاخر فيه اذى كبير، لابد من عدم استخدام الطفل لاثبات ان طرف افضل من الاخر، بالطبع هناك حالات شاذة يكون فيها احد الوالدين خطرا على الطفل ولكن نتحدث هنا عن عامة الحالات،
ويجب الا يكون هناك تفريق بين الاطفال في المعاملة، فهذا يخلق حقد وحسد وغيرة بينهم قد تدوم طول العمر، ويجب الا يفضح الوالدان اولادهم في الاماكن العامة او امام الاهل او امام الاطفال الاخرين، فبعض الناس يشتكون اطفالهم الى اهاليهم او اصدقائهم او يقولون للطفل كن مثل فلان امام الاطفال الاخرين او يضربوهم ويهينونهم امام الناس، في البداية على الام او الاب تذكير الطفل بالقواعد السلوكية قبل الخروج من البيت، واذا اخطأ الطفل فعليهم اخذه جانبا وتذكيره بالقواعد وتعريفه انه اخطأ، والحديث معه في البيت، من علامات الفوضى الاسرية ان نجد الاباء او الامهات في حفلات اسرية او اماكن عامة وطوال الوقت وهم في عراك مع اطفالهم "ياولد اقعد عاقل، يابنت اجلسي!!" وبذلك لا يستمتع الاهل بالخروج ولا الاطفال ولا باقي الحاضرين، المشكلة هنا هي في اسلوب التربية، الطفل يستغل وجود الناس الاخرين لفعل ما يشاء، كأنها حرية، فلابد ان يفهم الوالدان الاطفال ان الامر هو امر تعاون بين اعضاء الاسرة حتى يستمتع الجميع بالخروج،
مع الاسف هناك اهالي يبحثون دائما عن اشباع احتياجاتهم، وهؤلاء هم غير مستعدين لانجاب وتربية الاطفال، فالاب يريد الهدوء دائما ويريد ان ينام ويريد ان يخرج مع اصحابه ويريد ان يمضى وقت مع زوجته ويريد ويريد، والزوجة تريد ان تتحدث في الهاتف وتريد ان تنام وتريد ان لا يطلب منها الاطفال شيئا وتريد وتريد، والاطفال بطبيعة كونهم اطفال يريدون الرعاية والاهتمام والمساعدة والحماية واللعب واشباع احتياجاتهم المختلفة، لابد ان يتعاون الجميع من اجل اشباع احتياجاتهم المختلفة، وهذا هو دور الاسرة، اشباع احتياجات اعضائها، وليس فقط اشباع احتياجات عضو واحد!!
والاطفال يحتاجون الى وجود الكبار معهم ونصحهم وتوجيههم، يخطئ بعض الاهالي باعتقاد ان كل ما يريده الطفل هو المال والالعاب ويتركونهم طوال الوقت مع "الشغالات والمربيات"، اغلب هؤلاء العاملات ياتون من دول لها حضارة مختلفة، ودور الام والاب هو نقل حضارة المجتمع ودينه الى الاطفال لتجهيزهم لان يكونوا اعضاء فاعلين في المجتمع، ولكن ترك الاطفال هكذا مع المربيات لا يجعل الاطفال يتعلمون قيم المجتمع الذي يعيشون فيه، وينشأ جيل منقطع عن مجتمعه ولا يملك قيم مجتمعه بل في حالات لا يملك اي قيم، فالمربية اهتمت بالاكل والشرب والاستحمام، والمدرسة اهتمت بتدريس المواد، والطفل ترك للاعلام والانترنت والاصحاب لتعلم القيم، وهذا يفسر الى حد ما انتشار مظاهر اجتماعية لم تكن موجودة من قبل، ناتجة عن عدم نقل القيم الاسرية والاجتماعية للاطفال،
ما نزرع سنحصد، وان وضعنا الحب والاحترام والاهتمام والرعاية في اولادنا فاننا سنحصد كل الخير في المستقبل باذن الله
د. ماجد عبدالعزيز عشي
هناك تعليق واحد:
سلام عليكم دكتور ...عشت على هذه المقاله القيمه واتمنى دكتوران تذكر علاج لبعض الحالات التي تعتري الطفل كالعناد والتبول بملابسه الداخليه مثلا بالرغم ان اهله يعاملوه باحترام وبموده فلماذا هذا العناد او غيرهه واقصد التعامل بدون دلال يعني انه غير مدلل بل محترم....شكرا دكتور والله يوفقك لكل خير انشاء الله.
إرسال تعليق