الغيرة من نجاح او سعادة الاخرين وحسدهم لهم تكلفة اقتصادية كبيرة، واذا اراد المجتمع تحسين وضعه الاقتصادي فلابد من معالجة هذه الامور، فمثلا في القطاع الخاص او العام، الغيرة بين الموظفين قد تجعل احدهم يحاول افشال الموظف الاخر، او ان يمنع فكرته من ان تتحقق، او يخلق بيئة عدائية نحو الموظف الاخر بشكل مباشر او غير مباشر من خلال النميمة ونشر الاشاعات عنه، ونتيجة هذه الغيرة تكون خسارة يتحملها صاحب العمل او الشركة او القطاع، وتحرم المؤسسة والمجتمع من وجود اشخاص ناجحين في المجتمع يقدمون افكار ومشاريع مفيدة وتخدم تطور البلد اقتصاديا واجتماعيا، فهذه الغيرة الهدامة والحسد تؤدي الى اهدار افكار ومشاريع جيدة كما تؤدي الى عدم التعاون بين الموظفين لما فيه صالح المؤسسة والصالح العام،
والشخص الحاسد لا يركز مجهوده في اصلاح ذاته وتطوير قدراته وانما يبرر فشله بمبررات عدة ويركز جهده على الحط من قدر الاخرين وافشال مشاريعهم حتى لا تظهر للعيان حقيقة كسله وتخاذله، وهذه خسارة اقتصادية اخرى، فالحاسد لا يطور نفسه وهذا اهدار لطاقاته التي يمكن ان تفيد المجتمع وتسهم في تطويره،
كما ان الغيرة والحسد تسبب مشاكل نفسية وصحية واجتماعية على الطرفين، فالحاسد والمحسود في معاناة نفسية وقد تتحول الى امراض جسدية، كما ان الغيرة والحسد تجعل بيئة العمل غير جذابة، وينتج عن ذلك الغياب المتكرر وتعطل العمل واهدار للمال الخاص والعام، كما يهدر مال الدولة في علاج المشاكل النفسية والصحية الناتجة عن ضعف ثقة الانسان بنفسه والغيرة والحسد الناتجة عنها،
فالغيرة والحسد هما اعراض لأمراض، و لا بد من معالجة موضوع الغيرة والحسد للحصول على تطور اقتصادي واستقرار اجتماعي وامني، مع الاسف، نرى افراد او جماعات تحسد وتغار من افراد او جماعات اخرى على ما لديها من مال او علم او جمال او قوة او صحة او غيره من الامور، ودائما الحاسد لا يقول لك "انا حاسد"، ولكن دائما يغلف حسده بامور اخرى، يغلف حسده بامور تجعله يبرر لنفسه شر اعماله، وكم من شر في هذه الحياة جاء مغلفا بغلاف جميل،
واعتقد ان بداية العلاج تكون في الاسرة والمدرسة والاعلام، فلا بد من التركيز على قيم التعاون واحترام قدرات الاخرين واحترام الاختلاف في القدرات والمواهب، وبناء ثقة الاطفال في انفسهم من خلال التركيز على تنمية قدراتهم الشخصية التي تميزهم وتقديم المحبة والاحترام لهم وافهامهم ان لكل انسان دوره في الحياة الذي يجب ان يحترم مهما كان، ونشر التوعية الاجتماعية باثار الغيرة والحسد على الاقتصاد والمجتمع، واعطاء الناس الفرصة لتنمية انفسهم وقدراتهم والنجاح في الحياة في نظام عمل يشعرون فيه بالعدل واحترام عطائهم وقدراتهم،
د. ماجد عبدالعزيز عشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق