حضرت قبل اسابيع محاضرة في الجامعة للدكتورة الين لانجر، احد اشهر الاساتذة في جامعة هارفرد، وكانت المحاضرة عن طريقة التفكير والصحة، وقد قامت بعدة دراسات مثيرة للاهتمام لدرجة ان اصبح هناك برنامج واقعي مبني على دراساتها يبث على التلفزيون في دول مختلفة في العالم، وساشرح لكم الان احد هذه الدراسات ونتائجها،
قامت الدكتورة لانجر بجمع عدد من الناس الذين اعمارهم فوق ثمانين عاما، واخذتهم الى منتجع معزول، وتم الكشف عليهم طبيا لتحديد الامراض التي يعانون منها، وبعد ذلك صممت برنامج حياة لهم يماثل الحياة قبل عشرون عاما من ذلك التاريخ، بمعنى انها جعلتهم يعيشون في الاجواء التي كانت سائدة قبل عشرون عاما، فكل برامج التلفزيون كانت تلك التي كانت تبث قبل عشرون عاما، وديكور المنتجع كان من تلك الفترة، والاخبار والجرائد والافلام والموسيقى والتكنولوجيا كلها من تلك الفترة، بمعنى انها ارجعتهم عشرون عاما الى الوراء، وطلبت منهم ان لا يتحدثوا عن اي شيئ حدث خلال العشرون عاما الماضية، وان يتحدثوا مع بعضهم وكأنهم يعيشون في تلك الفترة، وان يناقشوا الاخبار والقضايا وكأنها تحدث الان وليست في الماضي، وبعد اسابيع قام الاطباء بالكشف الطبي عليهم، ووجدوا ان حالتهم الصحية تحسنت كثيرا، اصبحت اجسامهم تعمل وكأنها قبل عشرون عاما! ، عندما عاشوا وكأنهم اصغر سنا استجابت اجسامهم لهذا التفكير واصبحت تعمل وكانهم اصغر عشرون عاما، اذا اجسامنا لها ردود فعل لطريقة تفكيرنا، هناك من هم في العشرين من العمر ولكن يبدوا عليهم الهرم لأنهم يشعرون في داخلهم وكأنهم ثمانين عاما، وهناك اناس في الثمانين ولكن صحتهم وحيويتهم وكأنهم شباب لأن طريقة تفكيرهم طريقة شبابية،
وقد ذكرت الدكتورة لانجر ان الدراسات وجدت ان الناس الذين يلبسون نفس ازياء الملابس دائما، تكون اعمارهم اطول باذن الله ولا يشعرون بالهرم بسرعة، والسبب في ذلك الى انهم لا يلاحظون التغير في شكلهم نتيجة لبسهم نفس الزي دائما، اما الذين يبدلون ويغيرون في ازياء ملابسهم كثيرا فهم يلاحظون تأثير العمر عليهم كما ان المجتمع قد يرفضهم اذا لم يلبسوا زيا يناسب عمرهم، ومن الدراسات الظريفة التي ذكرتها ان الباحثون وجدوا ان الشخص الذي يتزوج شخصا اصغر منه بكثير يعيش فترة اطول بأذن الله، وذلك لانه يرى الشباب من حوله، بينما وجدت الدراسات ان الذي يتزوج شخصا اكبر منه بكثير يعيش اقل باذن الله، لانه لا يرى الشباب من حوله، وبالطبع هناك دائما حالات لا ينطبق عليها هذه النتائج، ولكنها نتائج احصائية مثيرة للاهتمام،
واخيرا تحدثت الدكتورة لانجر عن اسلوب بعض الناس في العيش "هنا وفي هذه اللحظة"، فهم لا يفكرون كثيرا في الماضي او المستقبل، ولكنهم يملأون وعيهم بما في هذه اللحظة وفي هذا المكان، وهؤلاء تكون صحتهم افضل باذن الله من الناس الذين يفكرون كثيرا في الماضي او المستقبل، كما وجدت الدراسات ان هؤلاء الذين يعيشون في "الان وهنا" تكون عندهم شخصية جذابة وكاريزما، فكما يقال "لهم حضور" ويبدوا عليهم الوعي والذكاء وهذا يجعل الناس تحبهم،
اذا طريقة تفكيرنا تلعب دورا هاما في عمل اجسامنا، اتذكر بعض الناس الذين كانوا في الثمانين في العمر واكثر، كانوا دائما يتصرفون بشباب وابتسامة وحيوية، ويرددون "انسى العمر"، نعم، انسى العمر، ولا تدخل نفسك في صندوق لعمر معين، دع الشباب والحيوية تنبع من الداخل، ربما يحاول البعض فرض طريقة حياة ونمط سلوك معين عليك لأنهم يعتقدون انها ما يناسب عمرك، اترك نفسك على سجيتها، امرح وابتسم، وعندما تفيق في الصباح اشعر بانها بداية حياة جديدة، فهذا هو الشباب، طريقة تفكير،
د. ماجد عبدالعزيز عشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق