الثلاثاء، 30 يونيو 2009

انواع النجاح

هناك انواع من النجاح، وكل انسان يسعى لنوع او اكثر من النجاح، وهناك فروق بين الرجل والمرأة في النظرة الى النجاح كما ان هناك فروق حضارية، الناس تميل عموما لتعريف النجاح على انه النجاح في العمل، وما يتبعه من نجاح مادي ومكانة اجتماعية، وهذا صحيح، فهذا النجاح مهم، ويتبع هذا النجاح فائدة وتطور للمجتمعات، فكثير من الناس يسعون للنجاح العملي الشخصي ولكنهم في طريقهم لتحقيق ذلك يقومون بما يفيد الناس وينفع المجتمع عن قصد منهم او لا، ولكن هذا نوع واحد فقط من انواع النجاح، وسوف اتطرق هنا الى انواع اخرى من النجاح التي يسعى اليها انواع مختلفة من الناس،

فهناك مثلا النجاح الديني والروحي، وهنا الشخص يسعى الى ارضاء الله وعمل الصالحات سعيا لدخول الجنة وتجنب النار، كما يسعى الى تزكية النفس وترويضها على الخير والالتزام والطاعات والعبادات، فهنا تعريف النجاح يختلف عند هذا الشخص عن تعريفه عند الشخص من النوع الاول، وليس هناك تعارضا بالضرورة بين هذا النجاح والانواع الاخرى، ولكن المهم معرفة ما هو هدف هذا الانسان، هل النجاح عنده يقاس بالمادة والمكانة الاجتماعية مثلا ام بالالتزام بما امر الله؟ من الناحية النفسية يمكننا فهم تصرفات الانسان اذا عرفنا ما هو النجاح في نظره،

وهناك اناس، خصوصا الكثيرات من النساء، من يعرفون النجاح على انه النجاح الاسري، بمعنى ان يكون عندهم علاقة محبة مع شريك حياة واسرة مستقرة وناجحة واولاد سعداء وعلاقات اجتماعية واسرية سعيدة عموما، فعندهم هذا هو النجاح، فتحضير وجبة طعام شهية للاسرة، او ادخال السعادة على قلب الزوجة او الزوج والاولاد، او القيام بالواجبات الاجتماعية من زيارات وحضور مناسبات، كلها هذه من اسس النجاح عند كثير من النساء وبعض الرجال، فلا بد ان نعرف ان هناك فرق في تعريف النجاح عند الجنسين، فالرجل يركز عموما على الجانب العملي والمرأة تركز اكثر على الجانب الاسري، وبالطبع هناك رجال كثيرون يعملون على النجاح في حياتهم الاسرية ونساء يعملن على النجاح في العمل ولكن يغلب الاهتمام الذي ذكرناه سابقا على الجنسين، الرجال عموما يعرفون النجاح على انه النجاح "كثيرا" في جانب واحد في الحياة، وقد يهملون جوانب اخرى، فمثلا قد يركز الرجل على عمله وينجح فيه كثيرا فيكون قمة فيه، ولكنه يكون قد اهمل زوجته واولاده وحتى صحته وعلاقاته الاسرية، المرأة ترى النجاح عموما من منظور تحقيق التوازن وتحقيق النجاح "المتوسط" في اكثر من جانب، فمثلا هي قد تعمل وتتقدم في عملها ولكنها تهتم ايضا في ان تكون عندها اسرة ناجحة وعلاقات اجتماعية، فالمرأة عندها النجاح هو تحقيق النجاح في اكثر من جانب وتحقيق التوازن بين الامور، اما الرجل فالنجاح عنده هو تحقيق التميز في مجال واحد ولو على حساب الجوانب الاخرى، بالطبع ليس كل الرجال عندهم نفس الدافع للنجاح ولا كل النساء،

وهناك اناس يكون عندهم النجاح هو في الحصول على محبة الناس واعجابهم، سواء كان هذا الاعجاب بالشكل او بالشخصية او بالاعمال، وهناك من يعرفون النجاح بتحصيل القدرات الجسدية من رياضة او غيره، وهناك من يرون النجاح في القدرات الفكرية او الفنية او الذكاء، وهكذا، فالانسان عنده قدرات مختلفة والناس تسعى عموما للتميز في قدرات ما، فالنجاح انواع، ولو لم يختلف مفهوم الناس للنجاح لفسدت الحياة، فليس معقولا ان يعمل كل البشر للنجاح في مجال واحد،

الناس عادة يخافون من الفشل، وكثير من الاعراض النفسية والامراض النفسية تنتج عن الخوف من الفشل او ردة الفعل للفشل، والفشل هنا قد يكون فشل في الحياة العملية او المادية او الاجتماعية او العاطفية او غيرها من الجوانب، قليل من الناس يعرفون كبف يتعاملون من الفشل، الفشل جزء من الحياة، والناجحون ليسوا هم من لم يفشلوا ولكنهم هم من استمروا ونجحوا بعد العديد من حالات الفشل، الفشل قد يعني ان الاسلوب يحتاج لتغيير او ان الوقت لم يحن لتحقيق ما تريد، في مجال الابحاث العلمية الفشل نجاح، ماذا يعني ذلك؟ يعني ان الفشل يعلمك ان الاجابة ليست في الطريق الذي مشيت فيه، وهذه اجابة، وسوف توفر هذه النتيجة الوقت والمجهود للعلماء الاخرين حتى يبحثوا في طرق اخرى للحصول على الاجابة، الفشل يبعث الانسان للتطور ومراجعة النفس حتى يعلم اين كان الخطأ وما هو الذي عليه تغييره في تصرفاته او حياته حتى يحقق هدفه، قد يتعلم الانسان كثيرا من تجارب الفشل اكثر من تجارب النجاح،

وكم من علاقات تكونت نتيجة فشل، وكم من اصدقاء ظهروا في وقت الفشل والاحتياج، سئل احد الحكماء "كم صديقا لديك؟"، فقال "لا اعلم، انتظر حتى امر بوقت الضيق وسأعلم عندها"، هناك اصدقاء يأتون فقط مع النجاح ويذهبون مع ذهابه، وهناك اصدقاء يأتون فقط مع الفشل ويذهبون ان نجحت، وهناك اناس يبقون معك سواء نجحت ام فشلت، ويدعمونك في الحالتين،

ليس هناك اعمال صغيرة واعمال كبيرة، ما يحدد حجم العمل هو كمية الحب الذي تضعه فيه، فكلمة واحدة بحب قد تحدث تغييرا لا تحدثه اعمال على مر السنين، النية الطيبة تجعل الكلمة او العمل اقوى بالاف المرات، كأنه عمل حي، اما العمل بنية سيئة فكأنه عمل ميت، لم اندم قط على كلمة قلتها من قلبي،

قالت الكاتبة الشهيرة هيلين كيللر والتي كانت تعاني من فقدان السمع والبصر، وكانت اول من حصل على البكلوريوس من فاقدي السمع والبصر في بداية القرن العشرين:

"انا ابحث عن عمل اشياء عظيمة، ولكن واجبي الاساسي ان اعمل اشياء بسيطة وكأنها اشياء عظيمة، العالم لا يتحرك فقط نتيجة اعمال العظماء، ولكن من مجموع الاعمال الصغيرة لكل عامل مخلص"،

وقال الرسام الشهير بيكاسو "امي اخبرتني انني اذا اصبحت جنديا فسوف اصبح يوما جنرالا، واذا اصبحت قسيسا فسوف اصبح يوما البابا، ولكني قررت ان اكون رساما فاصبحت بيكاسو!"،

لا تضحي بنفسك من اجل النجاح، فهذه خسارة، النجاح هو ان تجد نفسك وتكون "انت" بمعنى الكلمة، المجتمع سيتطور وينتفع كثيرا لو ان كل انسان كان نفسه المميزة واستخدم قدراته ومواهبه التي انعم بها الله عليه، استمع الى قلبك، فكل منا له رسالة في الحياة، والخريطة والرسالة موجودة في قلبك،


د. ماجد عبدالعزيز عشي

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

:)

غير معرف يقول...

النجاح هو ان تجد نفسك وتكون "انت" بمعنى الكلمة، المجتمع سيتطور وينتفع كثيرا لو ان كل انسان كان نفسه المميزة واستخدم قدراته ومواهبه التي انعم بها الله عليه، استمع الى قلبك، فكل منا له رسالة في الحياة، والخريطة والرسالة موجودة في قلبك .