الأحد، 10 مايو 2009

ردود الفعل للمعلومات الجديدة

يكون عند الانسان أحيانا اعتقاد معين في أمر من الامور، مثلا قد يعتقد أن فلانا من الناس سيئ، ولكنه أحيانا يواجه معلومات عن ذلك الشخص سواء من خلال سلوكيات يقوم بها او من خلال سماع عن أمور وتكون هذه المعلومات مناقضة لاعتقاد الشخص عن فلان هذا، فمثلا قد يقوم فلان هذا بابداء المساعدة او بأخذ مواقف يبدو فيها الاخلاق، فكيف يمكن للشخص التعامل مع هذه المعلومات الجديدة والمناقضة للاعتقاد عن فلان هذا، وجد علماء النفس بأن طريقة تعامل الناس مع المعلومات الجديدة المناقضة لاعتقادهم السائد قد تكون واحدة او اكثر من الطرق التالية:

قد يغير الشخص رأيه في فلان بناء على المعلومات الجديدة، فقد يعرف ان اعتقاده السابق ربما كان مبنيا على معلومات ناقصة او مغلوطة وان المعلومات الجديدة اكثر صحة وعليه فلا بد من تغيير رأيه في فلان هذا، وخصوصا اذا ظهرت سلوكيات كثيرة مناقضة للاعتقاد السابق،

والاحتمال الاخر هو ان يعمل الشخص أي شيئ للحفاظ على رأيه في فلان وعليه فلا بد من عمل "الاعيب" نفسية لتجاهل المعلومات الجديدة، فقد يقوم الشخص بالقول "ان فلان هذا يدعي الطيبة لغرض في نفسه وما هو كذلك"، وقد يقول "ان هذا السلوك الطيب من فلان لا يعبر عن شخصيته وانما هو سلوك شاذ"، وما الى ذلك، فهناك اناس يكونون افكار ثابتة عن الناس او الحياة ويرفضون تغييرها مهما جائتهم من ادلة وبراهين تثبت عكس افكارهم، فيحاولون الغاء او تجاهل أي دليل قد يثبت خطأ اعتقادهم عن الاخرين او الناس، بل ويركزون اهتمامهم على جمع المعلومات التي تؤيد اعتقادهم فقط، فمثلا ان كان اعتقادهم ان فلانا من الناس سيئا فهم يتغاضون عن أي كلام طيب عنه ويركزون انتباههم على أي كلام سيئ عنه، بل ويحاولون استدراج الناس لقول الكلام السيئ عن ذلك الشخص من أجل اثبات صحة اعتقادهم عن فلان هذا،

فيمكن النظر للاعتقادات الانسانية عن الاخرين وكأنها كائن حي يتغذى ليعيش، وغذاء الاعتقادات هي الادلة والبراهين المؤيدة له، وكما ان الجائع يبحث عن الطعام، فالاعتقادات تبحث عن ما يثبتها، فمثلا اذا كنت تعتقد ان فلانا لا يحبك فان هذا الاعتقاد سيبحث عن ما يؤيده، وكذلك ان كنت تعتقد انك لا تحب فلان، فايضا سيبحث هذا الاعتقاد عن ما يؤيده من تصرفات واقوال وافكار،

اذا وجود هذه الاراء والاعتقادات عن الناس والنفس والحياة تشكل ردود فعلك للمعلومات، فاذا كانت المعلومات تؤيد اعتقادك فيامرحبا بها، اما اذا كانت مخالفة لاعتقادك عندها قد تشكك فيها وقد ترفضها وقد تقبلها على انها امر شاذ او تقبلها على انها حقيقة وتغير فكرك،

وسلوك الانسان مبني على اعتقاداته الى حد ما، فمثلا قد تتصرف بشكل سيئ نحو انسان ما لأنك تعتقد انه سيئ، فقد تعامله بقسوة وترفضه وتعمل اشياء لايذاء مشاعره، ولذلك يصعب تقبل المعلومات الجديدة وتغيير الفكر عن ذلك الانسان، فالمسألة الان اكثر من مجرد تغيير فكر وحسب، انت اسأت الى هذا الانسان بناء على اعتقادات معينة فكيف يمكن لك التراجع الان والاعتراف بأنك اخطأت، وقد تكون الاعتقادات التي لديك مبنية على معلومات خطأ قدمها لك اخرون، او مبنية على فهم خطأ من نحوك لنية الشخص الاخر، وهنا الرجوع عن الخطأ في الفكر يتضمن الاعتراف بأنك "كنت مضحوك عليك"، وهذا الامر يصعب تقبله ايضا،

والاعتقادات مثل الطاولة، تقوم على ارجل، وهذه الارجل تدعم الاعتقاد، وهذه الارجل هي معلومات يجمعها الشخص وتجارب سابقة، فالتجارب تؤدي الى قيام اعتقادات معينة عن الناس والحياة، ولكن الاعتقاد اذا تكون ورسخ قد يجعلك ترفض التعلم من تجارب الحياة، فيصبح هدف الشخصية هو الحفاظ على الاعتقاد بدل التعلم عن الحياة، بالطبع لا بد من وجود اعتقادات عند كل انسان عن الحياة وعن الاخرين وعن نفسه، واذا كان الاعتقاد صحيحا فتجارب الحياة ستدعمه ولا خوف من خوض غمار الحياة، اما اذا كان الاعتقاد خطأ فان امورا كثيرة في الحياة ستهدد هذا الاعتقاد وعندها يحاول الشخص الهروب من الحياة حفاظا على اعتقاده ويمارس الكثير من اللاعيب النفسية حتى لا يغير رأيه، فان كان اعتقادك حقا فلا تخف، فكل تجارب الحياة ستدعم هذا الاعتقاد تلقائيا، أما ان كان اعتقادك خطأ فانك ستخاف الحياة والتجارب، بل وستدفع الثمن غاليا من صحتك العقلية، فلن يدعم الاعتقاد الخاطئ غير الجنون،

د. ماجد عشي

ليست هناك تعليقات: