وجد العلماء ان الطريقة التي يفكر بها الانسان لها دور كبير في صحته النفسية، وسوف اركز هنا على دور الفكر فيما اذا كان سيطلب الشخص العلاج النفسي ام لا،
الفكرة الاولى: انا لست مريضا نفسيا فلماذا علي ان اذهب الى الطبيب النفسي
ليس كل من يذهب الى الطبيب النفسي هو مريض نفسيا، فالطبيب النفسي مثل طبيب الباطنة او الاسنان نذهب له للوقاية او لمعالجة اعراض تعتبر خفيفة، المرض النفسي هو مرحلة متأخرة ونتنج عادة من اهمال النفس وظروف اخرى كثيرة، فليس من صالح الشخص او اسرته او المجتمع ان ينتظر حتى تتفاقم الحالة، ويمكن الذهاب الى الطبيب النفسي بسرية كاملة،
الفكرة الثانية: الطبيب النفسي سيعطيني ادوية ادمن عليها
ليتم تصحيح هذه الفكرة لا بد ان يقوم الاطباء النفسييون بمجهود في هذا المجال، فهذه الفكرة لم تأتي من فراغ، وفي عالمنا العربي يميل الاطباء الى وصف الادوية بدل استخدام الجلسات النفسية والعلاج السلوكي، وفعلا بعض الادوية النفسية يمكن الادمان عليها ولها اثار جانبية، ولكن هناك الان ادوية جديدة لا تسبب ادمانا واثارها الجانبية محدودة او معدومة تماما، فلا بد من اختيار الطبيب الذي يرتاح له المراجع ولا بد من مناقشة اثار الدواء، والان يمكن الحصول على الكثير من المعلومات عن خلال الانترنت، ولكني ارى ان وزارة الصحة عليها دور كبير في توفير انواع العلاج النفسي المختلفة والتوعية الاعلامية ومراقبة وصفات الادوية واذا ما كانت فعلا هي العلاج المطلوب،
الفكرة الثالثة: المشاكل النفسية دليل ضعف شخصي وضعف في الايمان
دعني اقول لكم ان الاشرار من الناس سعداء يفرحون ويمرحون في الدنيا وضحكاتهم العالية تصم الاذان، لماذا؟ لان انانيتهم عمتهم عن احاسيسهم الانسانية وعن احاسيس غيرهم وهم يحسبون ان مكاسبهم الدنيوية دليل ذكائهم ونجاح اسلوبهم و "حب الله لهم"، وهم لا يعلمون ان نتائج اعمالهم اتية لهم لا محالة عاجلا او اجلا،
اما الاخيار والاناس "العاديون" فهم يعانون من هؤلاء الاشرار سواء في البيت او العمل او الشارع، والخيار امامهم اما يكونوا اشرارا مثل هؤلاء ويقابلون الشر بالشر، او ان يستمروا في طريق الخير ويعانون نفسيا، فالزوج السكير الذي يأتي الى بيته ويضرب زوجته قد لا يعاني نفسيا مثل الزوجة المضروبة او الاولاد الذين يشاهدون امهم تضرب وتهان، وصاحب العمل الجشع الذي يستغل حاجة موظفيه ويدفعهم الى ارتكاب جرائم ومخالفات حتى يزيد كسبه قد لا يعاني نفسيا مثل هؤلاء الموظفين الضعفاء الذين يبيعون ضميرهم من اجل لقمة العيش، وهم لا يعلمون ان صاحب العمل هذا سيتخلى عنهم في اقرب علامة خطر وسيلقي عليهم بكل اللوم امام القانون ويخرج هو منها "كالشعرة من العجين"، والرجل الذي يربط علاقة مع زوجة رجل اخر قد لا يعاني مثل الزوج المصدوم والمتألم من هذه الخيانة، والمجرم الذي يسرق او يخطف او يعتدي قد لا يعاني نفسيا مثل ضحاياه الذين يصدمون ويتعذبون،
اذا المعاناة النفسية ليست علامة ضعف ايمان، ولكنها رد فعل طبيعي لافعال اناس ضعيفي الايمان،
وفي احيان كثيرة تكون فقط ناتجة عن خلل كيميائي يمكن تصحيحه بدواء، او مشاكل ناتجة من الطفولة ويمكن مناقشتها ومعرفة اسبابها،
فيا من تعاني نفسيا، انت لست مذنبا ولا ضعيفا، انت فقط ضحية لاناس او ظروف صعبة، وقد يحاول بعض من يؤذونك كل ما في وسعهم لمنعك من الذهاب الى الطبيب النفسي، مرة بالتخويف من الادوية والوصمة الاجتماعية، ومرة باخبارك انه لا داعي لذلك، ومرة باخبارك ان العلاج النفسي "اي كلام" ولا نتيجة منه، وسيحاولون السيطرة عليك مرة باسم التقاليد ومرة باسم الدين والدين منهم براء، ومرة باسم مصلحة العمل وضرورة الحفاظ على سرية العمل، وهدفهم واحد، ان لا تذهب الى الدكتور النفسي وان لا يكون لك صديق دكتور نفسي، هل تعلم لماذا يمنعونك عن الدكتور النفسي؟ لانهم يخافون ان يفتضح امرهم من خلال كلامك مع الدكتور النفسي، ولانهم لا يريدونك ان تفهم الاعيبهم واساليبهم النفسية في التحكم فيك، لا يريدونك ان تراهم على حقيقتهم، ولانهم لا يريدون ان يفقدوا السيطرة عليك، ولانهم لا يريدونك ان تشعر بالقوة وان احدا في صفك، يريدونك دوما ضعيفا مهزوزا تحت سيطرتهم، يريدون ان يكونوا هم فقط مصدر المعلومات عن نفسك وعنهم وعن الحياة كأنك مخطوف، ولا يخيف هؤلاء شيئ اكثر من ان تذهب الى دكتور نفسي او ان يكون لك صديق دكتور نفساني يكشف لك الاعيبهم واساليبهم ويحررك من سيطرتهم، فذهابك الى الدكتور النفسي هي بداية طريق التحرر من هؤلاء،
د. ماجد عشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق