الصعوبات المادية والازمات الاقتصادية لها اثرها على نفسية الناس، فالدين الذي لا يمكن للشخص رده وملاحقة الدائنين تزيد من الضغوط النفسية على الفرد والاسرة وتزيد من احساس الشخص بالنقص والخجل من النفس وخصوصا امام اهله، كما تزيد من الاحساس بالعجز امام احتياجات الاسرة والقلق على مستقبل الشخص نفسه واسرته، وفقدان العمل يحمل فقدان مصدر الدخل كما يحمل فقدان مصدر للاستقلالية واحترام الذات والشعور بان الشخص مطلوب في المجتمع وله دور ومكان، والفراغ نتيجة البطالة باب لمشاكل كثيرة من انحرافات واستخدام مخدرات والانتماء الى جماعات اجرامية والاحساس بفقدان الهدف والمعنى للحياة، كما ان فقدان العمل هو فقدان لمنفذ للطاقة والقدرات الخلاقة عند الشخص، فالازمات المادية والاقتصادية لها اثار قوية على صحة الفرد والاسرة والمجتمع نفسيا وجسديا واجتماعيا،
ولكن هل يمكن للمشاكل النفسية ان تخلق ازمات اقتصادية؟
السلوك المالي هو سلوك كأي سلوك اخر يتأثر بالعوامل النفسية، المجتمع يتكون من افراد، واقتصاد المجتمع هو في جزء منه ناتج للسلوكيات المالية عند افراد هذا المجتمع، بعض الافراد يستخدمون المال للتعبير عن مشاعرهم، يعطون عندما يحبون شخصا ما ويمنعون عندما يغضبون من شخص ما، وهذا الاسلوب المالي يفتقر الى التفكير الاقتصادي بعيد المدى واخذ حاجة المجتمع في الاعتبار، وهناك اشخاص يستخدمون المال كوسيلة للحصول على احترام النفس واحترام الاخرين لهم، فثقتهم في انفسهم تعتمد على قدرتهم على الشراء والاستهلاك، ويحاولون الظهور بمظهر الغنى حتى لو ادى ذلك الى ديون ومشاكل مادية، فثقتهم بانفسهم تعتمد على قدرتهم على الشراء والاستهلاك وصرف الاموال، وهناك اناس يشترون ويتسوقون لعلاج انفسهم من مشاكل نفسية او عاطفية، فهم يشترون بكثرة عندما يكونون في حالة اكتئاب او ملل او قلق او غضب او عندما يرفضهم احد، فالاستهلاك هنا هو اسلوب عند هؤلاء لعلاج النفس، المشكلة مرة اخرى هي في ان هذه السلوكيات قد تخلق مشاكل مادية على المدى الطويل، وهناك اشخاص يحاولون الحصول على الحب من خلال الصرف، حب امرأة او اطفال او اهلهم او غيرهم، حتى ان ادت تلك المحاولات للحصول على رضى الاخرين بالشخص الى الديون وحتى مخالفة الانظمة، وهناك اناس تغلب عليهم الانانية فيعملون على الكسب السريع على حساب الناس والمجتمع، كتجار المخدرات مثلا، يكسبون ولكن على حساب خسائر كبيرة للمجتمع على الجانب المادي والانساني، فانتشار الانانية وانهيار الاخلاق وغياب روح العمل الامين كفريق متعاون تسهم كلها في الانهيار الاقتصادي، فالازمات الاقتصادية هي انعكاس لازمات نفسية واخلاقية الى حد كبير، فصحة الاقتصاد تقوم على سلوك افراد في المجتمع عندهم بنية تحتية سليمة من الناحيتين النفسية والاخلاقية، وكلما ازدادت المشاكل النفسية والاخلاقية في المجتمع كلما كان سلوك الناس المالي محكوم بامور غير منطقية ولحظية لاشباع رغبات نفسية غير سوية، وتتراكم النتائج الاقتصادية عبر الزمن الى ان تصل الى منطقة الانكسار وينهار الاقتصاد، الاقتصاد السليم القوي يقوم على افراد اصحاء نفسيا واخلاقيا
د. ماجد عشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق