الأحد، 12 فبراير 2012

الانتباه المتحيز

الانتباه المتحيز هي عملية نفسية يقوم بها بعض الناس شعوريا او لا شعوريا، وفيها يقوم الانسان بتركيز انتباهه على الامور التي تدعم قناعاته ولا ينتبه الى الامور التي هي ضد هذه القناعات، فمثلا قد يعتقد شخص بان فلانا من الناس لا يحبه، هذا الاعتقاد يجعله ينتبه اكثر الى الاحداث التي تؤيد هذه القناعة ولا ينتبه او يتجاهل اي تصرفات او احداث قد تدعم فكرة ان ذلك الشخص يحبه، هذا يسمى الانتباه المتحيز الذي يبحث فقط عن ما يدعم فهم الشخص ولا يرى ما يخالف هذه القناعات،

عالم النفس بياجيه تحدث عن النمو الفكري، ومن العمليات الفكرية التي كتب عنها ما يحدث في فكر الانسان اذا كان عنده تصور ثابت وواجهته امور تختلف مع هذا التصور، فالشخص عادة ما يكون تصورات عن امور معينة نتيجة تراكم الخبرات في هذه الامور، فمثلا عندك تصور عن ما يمكن ان تتوقعه ان ذهبت الى مطعم للعشاء، وهذا التصور قد يكون كالاتي:
تذهب الى المطعم، ويأتي موظف الاستقبال ليسال ان كان لديك حجز وعن عدد الزبائن، ثم يقودك الى طاولتك، ويأتي الجرسون ليسألك عن ما تحب ان تشرب ويقدم لك قائمة الطعام، ويأتي بالمشروبات ويسألك عن طلباتك، وبعد قليل يأتي بالطعام وفي النهاية يأتي بالفاتورة وتدفع وتغادر المطعم، هذا السناريو للذهاب للمطعم بني في فكرك نتيجة تجاربك السابقة وخبراتك ومشاهداتك، والانسان قد يشعر بالانزعاج ان حدث ما يخالف هذا السناريو، فمثلا قد تنزعج ان انتظرت طويلا دون ان يتحدث اليك موظف الاستقبال، او قدم اليك الجرسون طعاما غير طلبك، او كان في الفاتورة طلبات لم تطلبها، والانسان عنده سناريوهات عن اغلب الاحداث في حياته، فهناك سناريو للذهاب الى حفل زواج، واخر للذهاب الى المدرسة او قاعة المحاضرات، واخر عن لعب مباراة كرة، وغير ذلك كثير، وهذه السناريوهات الفكرية مهمة لانها تجعلنا نتصرف كجماعة بشكل منسق، كما انها تجعلنا نعرف ما هو المتوقع حدوثه في مواقف معينة،

ما الذي يحدث لهذا السناريو ان حدث ما يخالفه؟ حسب بياجيه، اما ان نحافظ على السناريو ونعتبر ما حدث خروجا على السناريو، او اننا قد نقوم بتعديل السناريو حسبا للمستجدات الجديدة، وكلا هذين الامرين مهمين في النمو النفسي، فلابد من وجود توازن،

د. ماجد عبدالعزيز عشي

الاثنين، 6 فبراير 2012

النظام واهميته في حياتنا النفسية

كل شيئ في الكون يسير حسب نظام ما، وهذه هي الفرضية التي يقوم عليها العلم كله، فالعلم يحاول الكشف عن الانظمة التي تسير تبعا لها الامور في الكون، فلو كان الكون فوضى والامور تحدث دائما بشكل مفاجئ لما كان للعلوم أي معنى، فهناك قوانين فيزيائية واخرى بيولوجية واخرى اجتماعية وغيرها، العلماء يعلمون ان هناك نظاما في الكون، وان اختلفوا فيكون الاختلاف في منشأ هذا النظام، حتى الفوضى لها نظام، فالفوضى تحدث حسب نظام معين، وعلماء الرياضيات والفيزياء وغيرهم يعلمون ذلك ويدرسون نظريات الفوضى، يحدث احيانا ان يخرج امر ما عن النظام الخاضع له، ولكن هذا الخروج له نظام ايضا، بعض الانظمة الكونية نعرفها والبعض نجهله، ووظيفة العلم هو الكشف عن هذه الانظمة،

والانسان منا يحتاج للنظام في حياته، فالانسان لا يستطيع تحمل الفوضى لوقت طويل، سيعاني نفسيا، فعدم النظام في حياة الانسان يؤدي به الى الاحساس بالقلق والخوف وفقدان السيطرة على مجريات الحياة وربما ايضا الى الاكتئاب، فلابد ان يكون هناك نظام واضح للنوم والاستيقاظ، للاكل والعمل، للسير في الطرقات واجراءات الاعمال، وغيرها الكثير، النظام مهم للطفل لانه يشعره انه في امان وان الامور يمكن توقعها، والنظام مهم للكبير لنفس الاسباب وحتى يمكنه اتمام اعماله، المفترض ان يكون في المجتمع نظام يسير عليه الجميع ويخضع له الكل ويكون هناك اجهزة لدفع الناس للسير حسب هذا النظام، هذا ما يحدث في كل دول العالم،

مع الاسف بعض الاسر لا تربي اطفالها على النظام، ينامون ويستيقظون ويأكلون ويشربون ويلعبون متى شاؤوا، فتصبح رغباتهم هي ما يحركهم دائما، ولا يتعلمون الصبر وكبح الرغبات وتنظيم اشباعها، ويخرج هؤلاء الاطفال الى المجتمع وهم لا يعرفون اهمية النظام واحترامه، ويصبح شاغلهم الاساسي هو كيفية اللف على النظام وكسره حتى يحصلون على ما يشاؤون، النظام في الحياة هي الارضية التي يقف عليها الناس، وبغير نظام تكون الارض متحركة تحت ارجلهم،

دكتور ماجد عبدالعزيز عشي