النرجسية هي حب الذات والاعجاب بها بشكل مبالغ به، حيث يعتقد الشخص النرجسي انه افضل من غيره من الناس وانه يستحق افضل ما في الحياة ومعاملة متميزة ومختلفة، ودائما يسعى الشخص النرجسي الى المديح ويحاول دوما الحصول عليه، حتى انه يبالغ في انجازاته وقد يدعي انجازات غير حقيقية للحصول على المكانة والمديح، ويزعجه ان لا يكون مركز الاهتمام في المجلس ويسعى دوما الى الحط من قدر الاخرين وانجازاتهم، وتحدث بعض علماء النفس عن انواع للنرجسية ودرجات، فهناك من عنده ميول نرجسية وهناك من يعاني من اضطراب في الشخصية يسمى اضطراب الشخصية النرجسية، ومن انواع النرجسية النرجسية الفكرية والنرجسية الجسدية، فالنرجسي الفكري يعتقد انه ذكي جدا ويرى غالبية الناس أغبياء، فهو يتباها بفكره وعلمه وفلسفته، ويرى ان غالبية الناس لا تستحق بقاءه معهم ولا الاخذ من وقته، فهو يرى انهم ليس لديهم ما يقدمونه، وهو كثير الانتقاد، ويعبر عن رغباته بقوة، ويرى ان أي فكر مخالف لفكره او أي علم غير علمه او تخصص غير تخصصه غير جدير بالاحترام، وفي دواخل نفسه يحمل سرا الا وهو اعتقاده الخفي بانه سيكون في المستقبل شيئا مهما جدا والوقت سيظهر للعالم من هو، اما النرجسي الجسدي فهو معجب بجسمه ويحاول دائما عرض جسده والتباهي به لجماله او لياقته، فيلبس ملابس دائما تسعى للتباهي بمظهره، ويعتقد انه جميل جدا او وسيم، بغض النظر ان كان ذلك صحيحا او لا، ويمضي وقتا طويلا امام المرآة، وينظر كثيرا في اي زجاج عاكس، ويحاول دائما الحصول على المديح لجسمه، والباحثون يكتبون عن دور الحضارة اليوم في انتشار النرجسية بين الناس، ففي احدى الدراسات وجد الباحثون ان غالبية الناس تعتقد انها اذكى وافضل من المتوسط ومن غيرهم من الناس، ويعتقدون انهم مؤهلون لأفضل الاعمال بغض النظر عن مؤهلاتهم الحقيقية، هذه النرجسية لها اضرار عديدة، اولها على الشخص نفسه الذي سيصدمه الواقع فانه مثله مثل غيره من الناس حتى لو على واشتهر، ويشعر بضيق شديد ان قل مديح الناس لأي سبب كان، فنفسه تتغذى على المديح وبغيره تجوع نفسه وتجف، والنرجسي لا يرى الناس كأشخاص لهم احتياجات، فهم فقط موجودون لأشباع غروره ومدحه وعكس ذكاءه وجماله، ويمكن ان يكون الشخص نرجسيا باعتقاد انه افضل من غيره من حيث الجنس او العرق او القبيلة او الدولة او اللون او غيره من الامور، وهناك فرق بين الاحساس الصحي بالانتماء والفخر والثقة بالنفس والنعرات العنصرية التي تدعي ان جماعة افضل من اخرى لمجرد لون او عرق او جنس او غيره، وعلاج النرجسية صعب ويأخذ وقتا، فكثير من النرجسيين لا يرون ان بهم مشكلة، كما انهم قد يفرحون بهذا التشخيص، فلا يجدون مشكلة بأن يقال لهم ان بهم نرجسية، وقد سعت تعاليم الكثير من الاديان على الحض على التواضع ومقاومة التكبر والتفاخر والغرور، كما وجد العديد من علماء الاخلاق بأن الغرور هو من اسباب الاساءة الى الاخرين، وفي رأيي ان النرجسية بانواعها هي احد الاسباب الرئيسية للمشاكل الاسرية والاجتماعية والسياسية والدولية، ولا بد من انشاء الاطفال على المديح الواقعي وتعليمهم مفاهيم التواضع والاحترام للاخرين والانتماء والمحبة حتى لا يكون لديهم هذا الجوع النفسي عندما يكبرون
د. ماجد عبدالعزيز عباس عشي