الثلاثاء، 17 مارس 2015

علم نفس الازياء


هناك فرع من فروع علم النفس يسمى علم نفس الازياء، هناك امور عديدة تدخل في اختيار الانسان لملابسه وازياءه وعلاقته بالملابس عموما، فاختيار الالوان ونوع القماش والملابس يدل على حالة الشخص النفسية، كما تؤثر ملابسه في حالته النفسية، والملابس ترسل رسالة للناس عن حالة الشخص النفسية والعقلية، فمن المعروف ان الناس تحكم على قوى الشخص العقلية من ملابسه، فالوان وحالة ملابس الشخص المكتئب تختلف عن تلك التي يلبسها الشخص القلق او السعيد، والناس تتوقع ان يلبس الشخص ملابس تناسب الحضارة التي يعيش فيها، فالشخص الذي يلبس ملابس غير مناسبة لحضارته او غير متناسقة او غير طبيعية بشكل كبير فانه يضع قدراته العقلية محل تساؤل،

وكما نلاحظ احيانا، نجد ان الصراع بين الشعوب احيانا يكون على طريقة الملابس، وخصوصا ملابس المرأة، فالملابس تعكس قيم حضارية ودينية واخلاقية تؤمن بها المجتمعات المختلفة، واحيانا تكون الملابس ساحة للمعارك بين القوى المختلفة، وكثير من الناس يقلدون في لباسهم ازياء الامم المنتصرة، فنجد الشعوب المهزومة او الاضعف تقلد في لباسها الشعوب الاقوى او المنتصرة، اذا الملابس لها مضامين سياسية، 
ان هناك صراع تاريخي بين قوى مختلفة حول ما على الانسان لبسه او عدم لبسه، وامر الملابس امر معقد جدا وليس امرا هينا كما يظهر في البداية، فالاديان المختلفة تحدد لاتباعها ما يلبسون او ما لا يلبسون، سواء كان ذلك للرجل او للمرأة،

وهناك عادة تقسيمات محددة لما يعتبر ملابس خاصة بالرجل واخرى خاصة بالمرأة او بالاطفال في المجتمعات المختلفة، والمجتمع قد يكون له ردود افعال قوية ضد من يتعدى هذه الحدود، فالرجل الذي يلبس ملابس نساء او العكس قد يواجه عواقب اجتماعية، فالملابس هي احد اساليب الحوار الصامت بين الناس وليست فقط للستر او للحماية من عوامل البيئة، فالناس ترسل رسائل كثيرة بعضهم لبعض، فلباس معين يرسل رسالة بأن الشخص متدين، ولباس اخر يوحي بنوع عمل الشخص كشرطي او طبيب مثلا، ولباس قد يوحي بالغنى او الفقر، ولباس اخر يوحي بالانتماء لحضارة او مجتمع معين، وهكذا، اختيار الملابس هو فن في حد ذاته، واسلوب لأرسال رسائل اجتماعية عن الوضع الاجتماعي او الاقتصادي او الانتماء القومي او الديني او الثقافي او الوظيفي او حتى الرياضي، وهناك اشخاص اذكياء في اختيار ملابسهم بما يناسب اجسامهم والرسائل الاجتماعية التي يودون ارسالها وحالتهم النفسية،  وبالطبع الملابس لها دور في اظهار الجمال او اخفاءه، واظهار القوة او اخفائها،

ونجد بعض الناس يحاولون تغيير الانماط الاجتماعية والتقاليد من خلال لبس اشياء تخالف المتعارف عليه في المجتمع، وخصوصا الشباب، فقد يكون اختيارهم للملابس هو محاولة للتميز او لاظهار الجمال او لفت الانتباه او ثورة على السلطة الاسرية او الاجتماعية، وكثير من الناس لا يعرفون كيف ظهرت بعض الازياء في التاريخ، فمثلا الملابس القصيرة عند النساء في الغرب ظهرت اثناء الحرب العالمية الثانية، واحد الاسباب هو ان غالبية الاقمشة كانت تستخدم في صناعة ملابس الجنود، ولتوفير الاقمشة اصبحت ملابس النساء اقصر، والبنطلون الجنز ظهر في أمريكا أثناء الثورة الصناعية كلباس يتحمل العمل الشاق عند العمال،   

والمجتمع عنده قوانين صريحة واعراف غير مكتوبة تحدد ما على الشخص لبسه او عدم لبسه في الاوضاع والمناسبات المختلفة ويعاقب بشدة من لا يلتزم بهذه الاعراف، فقد يكون مقبولا في بعض المجتمعات ان يلبس شخص ملابس السباحة على الشاطئ ولكن المجتمع يعاقبه بشدة ان مشى في الشارع العام او اتى الى الجامعة بهذه الملابس، وقد لا يحصل شخص على وظيفة او قد يفقد وظيفته ان كانت ملابسه لا تناسب العمل، فمثلا الكثير من المؤسسات والشركات واماكن العمل تجعل الموظف يمضي على اتفاق يحدد نوع الملابس التي يأتي بها الى العمل قبل توظيفه او توظيفها، وهذا شيئ طبيعي لأن الملابس تؤثر على جو العمل والرسائل المتبادلة بين الموظفين والعملاء،

وبالطبع للملابس وظائف لحماية جسد الشخص من عوامل البييئة، فمثلا ملابس الاسكيمو تناسب بيئتهم الباردة وملابس قبائل افريقيا تناسب بيئتهم الحارة، كما تساعد الملابس في تأقلم الشخص مع بيئته، فمثلا نجد سكان الصحاري يلبسون ملابس صفراء او بيج او بنية لمناسبة ذلك للون الصحراء، ونجد سكان الغابات يلبسون ملابس ملونة تناسب الخلفية البيئية، كما ان الملابس لها دور في الصحة الجسدية، فبعض الملابس تقي من اشعة الشمس او البرد او المطر، ولكن بعض الملابس قد تسبب امراضا مثل الملابس الضيقة التي قد تسبب التهابات عند النساء او انخفاض في الخصوبة عند الرجال، ولبس الكعب العالي الذي قد يسبب الام في الظهر،
اذا الملابس امر لا يستهان به، وهناك علوم وفنون تدرس انواع الملابس ودورها في حياة الناس ونفسياتهم،

دكتور ماجد عبدالعزيز عشي

الثلاثاء، 3 مارس 2015

((إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل))

عندما كنت في الثانوية تعلمت حديثا كريما حكيما عميقا من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، رواه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري في الأدب المفرد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله
 صلى الله عليه وسلم: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل

تخيلوا، الساعة تقوم، والكل يعرف ان الكون الى نهاية، هذه الفسيلة لن تنمو ولن تثمر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: أن استطاع ان لا يقوم حتى يغرسها فليفعل، لماذا؟ 
لأن الاجر في العمل الصالح، وفي اتمام العمل، علينا العمل وليس علينا التحكم في النتائج، فنحن لا نعلم الغيب ولا كيف سيؤثر عملنا في حياتنا او حياة الناس ربما بعد قرون، العالم عموما والعالم العربي خصوصا يمر بظروف صعبة ومأساوية في هذه الفترة، ولكن علينا العمل، كل في مجاله، يجب ان لا نتوقف عن عمل الصالحات وعمل الخير، لا تجعلوا الظروف الصعبه تحيد بكم عن الطريق او تغيركم من داخل انفسكم بشكل يجعلكم تبتعدون عن انفسكم الخيرة الطيبة، لا تجعلوا من سلوككم ردود فعل لأفعال الاخرين، ولكن عليكم بالصبر، والتروي، والتدبر، والتبصر في الامور، ومن ثمة القيام بعمل مدروس مبني على الحكمة والعدل والرحمة والقيم والاخلاق، بالاسلوب والوقت المناسبين، ولكن ليس كحلقة من فعل ورد فعل، افعلوا الخير بهدوء وسكينة حتى اخر لحظة، واعلموا ان العقبات والصعاب هي دروس و فرصة للنمو و للبحث في 
نفوسنا ومعرفة مكامن الشر فيها، واظهار الخير فيها

دكتور ماجد عشي