الأحد، 11 يناير 2015

لا بد من فهم المنظومات الاخلاقية الثلاثة

وجد علماء النفس وعلماء علم الاجناس والحضارات انه يمكن تصنيف اساليب المجتمعات في التفكير الاخلاقي الى ثلاثة أنواع

أولا: المنظومة الفردية
هذه المجتمعات تعرف الصواب والخطأ من منطلق الحفاظ على الحقوق والحريات الشخصية، كحق التعبير وحق الاختيار وحق السعادة وما الى ذلك، وكل ما يحد او يعتدي على هذه الحريات فهو خطأ، وكل ما يدعهما فهو صواب، وينتشر هذا التفكير في المجتمعات الغربية، فنجد من يقول من حق المرأة فعل هذا او ذاك، ومن حق فلان كتابة ما يشاء، وهكذا، المنطلق هو الحقوق الفردية والحريات

ثانيا: المنظومة الاجتماعية
هنا المعيار هو مصلحة المجتمع ككل وليس الحقوق الفردية، وهناك تأكيدا على المسؤوليات نحو الاخرين أكثر من الحقوق، فالحقوق تأتي من الدور الذي يقوم به الفرد ومستوى اداءه، فالصواب هو ما فيه مصلحة المجتمع، والخطأ هو ما يضر بالمجتمع، وينتشر هذا المفهوم في المجتمعات الاسيوية كالصين مثلا، ويمكن الحد هنا من الحريات الفردية من اجل مصلحة المجتمع، فمثلا في الصين كان هناك قانونا يحد عدد الاطفال في الاسرة في بعض المناطق الى طفل واحد، وهناك غرامات على المخالفين، من وجهة نظرهم فان ذلك لمصلحة المجتمع، اما من وجهة النظر الفردية فهذا خطأ وتعدي على الحريات والحقوق الفردية

ثالثا: المنظومة الدينية
هنا يرى الناس ان الصواب والخطأ محدد بتشريعات سماوية وتعاليم دينية، وينتشر هذا المفهوم بين أتباع الاديان سواء من المسلمين او المسيحيين او اليهود او غيرهم، فالصواب هنا هو ما أحل في الشرع والخطأ هو ما حرم في الشرع، وفي هذا المفهوم هناك أمور مقدسة لا يجوز التعدي عليها

وقد يحدث تصادم أحيانا بين اتباع هذه المنظومات الثلاثة، فنجد طرفا يدافع عن الحريات، وطرفا يدافع عن المقدسات وتعاليم الشرع،  وطرفا يدافع عن مصلحة المجتمع والمسؤوليات

هل يمكن التقريب والتفاهم بين اتباع هذه المنظومات؟ نعم بالطبع، ولكن مع الاسف ما نشهده اليوم هو ان كل طرف يأخذ جانبا ويصر على ان يرى الامور من زاويته ومنظومته دون ان يحاول فهم الطرف الاخر، ويقوم بالتعدي على ما هو مهم عند الطرف الاخر، في الماضي كانت الامم معزولة شيئا ما عن بعضها وكان التصادم قليل الحدوث، اما اليوم الشعوب تختلط وكذلك المبادئ والافكار، ويحدث احتكاكات أكثر وتصادم أخلاقي وعقائدي أكثر، فنحن اليوم بحاجة ماسة الى فهم الاختلافات الحضارية وكيف تطورت عبر التاريخ، وايجاد طرق لفهم الاخر واستيعاب واحترام الاختلاف والتعاون لما فيه الخير للجميع

د. ماجد عبدالعزيز عشي