الجمعة، 29 مايو 2009

علاج الحب من طرف واحد

منذ القدم والناس تعاني من الحب من طرف واحد، وهو الحب الذي يكون عندما يكون الحب عميقا وقويا من طرف والطرف الاخر لا يشعر بنفس درجة المشاعر أو يخفيها لسبب ما، فتكون معاناة المحب كبيرة، وكتب الادب مليئة بقصص الحب من طرف واحد، وهناك العديد من الاغاني التي تتحدث عن معاناة المحب من طرف واحد، فهناك عموما نوعان من الحب في كتب الادب والتاريخ وفي الاغاني، فهناك قصة الحب من طرف واحد، وقصة الحب التي تكون من الطرفين ولكن توجد عوائق بينهما،

بالطبع الحب من طرف واحد فيه معاناة كبيرة، وقد يؤدي في بعض الحالات الى مشاكل نفسية وحتى جسمانية، وقد تحدث الاطباء منذ زمن الاغريق القدماء من أمثال سقراط وأفلاطون عن مرض العشق، وقد ابدع في تشخيصه وعلاجه علماء المسلمين من أمثال أبن سينا والرازي، وقد ذكروا من أعراضه: سهر الليالي، التفكير المستمر في المحبوب، جفاف العين من السهر، زيادة دقات القلب عند ذكر المحبوب، فقدان الشهية، وغيرها من الاعراض،

وقد نصحوا بعدة علاجات، أولها الجمع بين الحبيبين بالزواج ان امكن، فعلى الاهالي عدم الوقوف في طريق حبيبين، بل عليهم مساعدتهما في الزواج، الجمع بين الحبيبين في الزواج كان وما زال العلاج الناجع لمعاناة الحب،

والعلاج الاخر الذي نصح به العلماء قديما هو "كتمان الحب"، فعلى المحب أن يكتم حبه ولا يخبر به أحدا، قد يخبر من يحب بحبه ورغبته في الزواج منه، وبعد ذلك عليه بالكتمان، فلا يخبر به أحدا، لا قريب ولا صديق، وان فعل ذلك سابقا عليه أن يتوقف ولا يفعل ذلك ابدا مرة أخرى، وأستعينوا بالصبر والصلاة والدعاء، فالله بيده كل الامور ومفاتيح القلوب ويعلم ما في القلوب، ولا يخفق قلب بحب الا والودود الرؤوف يعلم به،

ونصح العلماء القدماء بعلاج اخر للمحب من طرف واحد، أن تتسلط عليه النساء الكبيرات في السن فيعملن على ان يعرفنه على فتيات اخريات الى ان يثرن انتباهه، وقبل ان يقع في الحب يبعدنه عن تلك الفتاة الجديدة، وبذلك يعلمنه أن لا يقع في الحب مرة أخرى،

ومن المقالات الجميلة ما كتبته الاستاذة عزيزة المانع في عمودها أفياء في جريدة عكاظ بتاريخ 27-5-2009م بعنوان: "مزايا الهجر"، فقد يكون هناك خير كثير في الحب من طرف واحد، فكم من انسان انعدل حاله واصلح نفسه وتقدم في حياته العملية نتيجة الحب من طرف واحد، ومعاناة الحب من طرف واحد قد تجعل الشخص يتواضع ويشعر بمعاناة الناس، وقد تجعله يتعلم الصبر، ويبحث في خفايا نفسه، وكم من انسان اقترب من الله نتيجة معاناة حبه، وكم من أنسان تعلم من حبه وأصبح انسانا أفضل مع الايام، فقد يكون هناك خير كثير في هذا الحب أحيانا،

ومن الكتب الجميلة التي كتبت حديثا كتاب باللغة الانجليزية كتبه عالم نفساني بعنوان: "أنت لست مريضا، أنت فقط في حالة حب"، فلابد ان نعرف ما هي حالة الحب، وعلاماتها واعراضها والامها،

د. ماجد عشي

الأحد، 17 مايو 2009

مساعد المدمن

لا يمكن لشخص ان يصبح مدمنا دون وجود مساعدين، وعادة يكون شخصا واحدا او اثنين على الاكثر، وهذا المساعد "يساعده" على الادمان من خلال توفير المواد المخدرة ولو مجانا في البداية في حفلات خاصة او "كجميلة من صديق لصديق!"، ويقوم بتوفير الغطاء الازم له من خلال دعمه لاعذار المدمن والستر عليه، فمثلا ان اتصلت والدة المدمن بأبنها لتعرف مكانه، يقوم المساعد بالكذب واخبار الوالدة ان ابنها بخير وانهما في المكتبة يدرسون مع ان الحقيقة هي ان المدمن في بيت المساعد يتناول المخدر، وفي اغلب الاحيان لا يكون المساعد مدمنا، ولكنه فقط يدعم ادمان الشخص الاخر، لماذا؟

هناك اسباب كثيرة لذلك وتختلف حسب الشخصيات التي في القصة والظروف، فقد يكون الدافع هو العامل المادي، حيث يكون المدمن غنيا شيئا ما ويقوم المساعد بتوفير المخدرات والتكسب من وراء ذلك، وقد يكون التكسب المادي غير مباشر، كالزوج الذي يجعل زوجته تدمن من اجل السيطرة على مالها، وفي اغلب الحالات يظهر المساعد نفسه للمدمن على انه الصديق الوفي المخلص الذي يفهمه ويفهم معاناته وانه لا أحد يحبه كهذا المساعد، وفي كثير من الاحيان يحاول هذا المساعد قطع علاقات المدمن مع الاخرين حتى يكون تحت سيطرة المساعد الكاملة، وهناك حالات يكون الدافع هو الشهوة الجنسية، كرجل يجعل امرأة تدمن المخدرات للسيطرة عليها، وقد يدفعها للفساد بعد ذلك، وهناك حالات يكون الموضوع اعمق من ذلك، فهناك حالة شاهدتها بنفسي، كان هناك شاب في العشرينات وكان متزوجا من شابة جميلة ويحبها، وكان عنده "صديق وفي من النوع الذي نتحدث عنه"، وكان هذا الصديق طامعا في الزوجة، فأخذ بالعمل فترة طويلة على تشجيع هذا الشاب عل شرب الخمر حتى اصبح مدمنا، فكان لا يمشي دون كأس خمر في يده، وكان هذا الصديق يدعو هذا الشاب الى بيته ويقدم له الخمر مجانا، وبعد فترة اصبح يطلب ان تصاحب الزوجة زوجها، وكان الزوج يعلم ضمنيا انه لا خمر ان لم تصاحبه زوجته، ويمكنكم ان تتخيلوا ما كان يحدث بعد ان ينام الزوج المخمور في بيت "صديقه" ويترك زوجته في صحبته، فهدف المساعد هو السيطرة على المدمن من خلال الادمان لهدف في نفسه، وأحيانا يكون المساعد فعلا "حسن النية" ولا يعلم انه يساعد المدمن، فقد يعتقد ان هذه هي الصداقة الحقة، وينتشر هذا الوضع خاصة بين المراهقين والمراهقات،

فقد تكون الاسرة غائبة او مشغولة عن اولادها وبناتها، وهنا تكون الصداقات التي يكونها الاولاد والبنات في المدارس هي العلاقات الاهم في حياة المراهقين، فيجدون فيها من الانتماء والاهتمام ما لا يجدونه في البيت، وقد يدخل هؤلاء كمجموعة الى عالم المخدرات، وتصبح المخدرات هي ما يربطهم ببعض.

د. ماجد عشي

الأحد، 10 مايو 2009

ردود الفعل للمعلومات الجديدة

يكون عند الانسان أحيانا اعتقاد معين في أمر من الامور، مثلا قد يعتقد أن فلانا من الناس سيئ، ولكنه أحيانا يواجه معلومات عن ذلك الشخص سواء من خلال سلوكيات يقوم بها او من خلال سماع عن أمور وتكون هذه المعلومات مناقضة لاعتقاد الشخص عن فلان هذا، فمثلا قد يقوم فلان هذا بابداء المساعدة او بأخذ مواقف يبدو فيها الاخلاق، فكيف يمكن للشخص التعامل مع هذه المعلومات الجديدة والمناقضة للاعتقاد عن فلان هذا، وجد علماء النفس بأن طريقة تعامل الناس مع المعلومات الجديدة المناقضة لاعتقادهم السائد قد تكون واحدة او اكثر من الطرق التالية:

قد يغير الشخص رأيه في فلان بناء على المعلومات الجديدة، فقد يعرف ان اعتقاده السابق ربما كان مبنيا على معلومات ناقصة او مغلوطة وان المعلومات الجديدة اكثر صحة وعليه فلا بد من تغيير رأيه في فلان هذا، وخصوصا اذا ظهرت سلوكيات كثيرة مناقضة للاعتقاد السابق،

والاحتمال الاخر هو ان يعمل الشخص أي شيئ للحفاظ على رأيه في فلان وعليه فلا بد من عمل "الاعيب" نفسية لتجاهل المعلومات الجديدة، فقد يقوم الشخص بالقول "ان فلان هذا يدعي الطيبة لغرض في نفسه وما هو كذلك"، وقد يقول "ان هذا السلوك الطيب من فلان لا يعبر عن شخصيته وانما هو سلوك شاذ"، وما الى ذلك، فهناك اناس يكونون افكار ثابتة عن الناس او الحياة ويرفضون تغييرها مهما جائتهم من ادلة وبراهين تثبت عكس افكارهم، فيحاولون الغاء او تجاهل أي دليل قد يثبت خطأ اعتقادهم عن الاخرين او الناس، بل ويركزون اهتمامهم على جمع المعلومات التي تؤيد اعتقادهم فقط، فمثلا ان كان اعتقادهم ان فلانا من الناس سيئا فهم يتغاضون عن أي كلام طيب عنه ويركزون انتباههم على أي كلام سيئ عنه، بل ويحاولون استدراج الناس لقول الكلام السيئ عن ذلك الشخص من أجل اثبات صحة اعتقادهم عن فلان هذا،

فيمكن النظر للاعتقادات الانسانية عن الاخرين وكأنها كائن حي يتغذى ليعيش، وغذاء الاعتقادات هي الادلة والبراهين المؤيدة له، وكما ان الجائع يبحث عن الطعام، فالاعتقادات تبحث عن ما يثبتها، فمثلا اذا كنت تعتقد ان فلانا لا يحبك فان هذا الاعتقاد سيبحث عن ما يؤيده، وكذلك ان كنت تعتقد انك لا تحب فلان، فايضا سيبحث هذا الاعتقاد عن ما يؤيده من تصرفات واقوال وافكار،

اذا وجود هذه الاراء والاعتقادات عن الناس والنفس والحياة تشكل ردود فعلك للمعلومات، فاذا كانت المعلومات تؤيد اعتقادك فيامرحبا بها، اما اذا كانت مخالفة لاعتقادك عندها قد تشكك فيها وقد ترفضها وقد تقبلها على انها امر شاذ او تقبلها على انها حقيقة وتغير فكرك،

وسلوك الانسان مبني على اعتقاداته الى حد ما، فمثلا قد تتصرف بشكل سيئ نحو انسان ما لأنك تعتقد انه سيئ، فقد تعامله بقسوة وترفضه وتعمل اشياء لايذاء مشاعره، ولذلك يصعب تقبل المعلومات الجديدة وتغيير الفكر عن ذلك الانسان، فالمسألة الان اكثر من مجرد تغيير فكر وحسب، انت اسأت الى هذا الانسان بناء على اعتقادات معينة فكيف يمكن لك التراجع الان والاعتراف بأنك اخطأت، وقد تكون الاعتقادات التي لديك مبنية على معلومات خطأ قدمها لك اخرون، او مبنية على فهم خطأ من نحوك لنية الشخص الاخر، وهنا الرجوع عن الخطأ في الفكر يتضمن الاعتراف بأنك "كنت مضحوك عليك"، وهذا الامر يصعب تقبله ايضا،

والاعتقادات مثل الطاولة، تقوم على ارجل، وهذه الارجل تدعم الاعتقاد، وهذه الارجل هي معلومات يجمعها الشخص وتجارب سابقة، فالتجارب تؤدي الى قيام اعتقادات معينة عن الناس والحياة، ولكن الاعتقاد اذا تكون ورسخ قد يجعلك ترفض التعلم من تجارب الحياة، فيصبح هدف الشخصية هو الحفاظ على الاعتقاد بدل التعلم عن الحياة، بالطبع لا بد من وجود اعتقادات عند كل انسان عن الحياة وعن الاخرين وعن نفسه، واذا كان الاعتقاد صحيحا فتجارب الحياة ستدعمه ولا خوف من خوض غمار الحياة، اما اذا كان الاعتقاد خطأ فان امورا كثيرة في الحياة ستهدد هذا الاعتقاد وعندها يحاول الشخص الهروب من الحياة حفاظا على اعتقاده ويمارس الكثير من اللاعيب النفسية حتى لا يغير رأيه، فان كان اعتقادك حقا فلا تخف، فكل تجارب الحياة ستدعم هذا الاعتقاد تلقائيا، أما ان كان اعتقادك خطأ فانك ستخاف الحياة والتجارب، بل وستدفع الثمن غاليا من صحتك العقلية، فلن يدعم الاعتقاد الخاطئ غير الجنون،

د. ماجد عشي