الخميس، 24 سبتمبر 2009

اساءة معاملة كبار السن

هناك نوع من اساءة المعاملة مسكوت عنه في المجتمع، ونسمع عنه هنا وهناك في بعض اخبار الصحف ولكن لا يحظى بالتغطية الكافية كما يحدث مثلا مع الاساءة للاطفال او للمرأة مع أهمية تغطية هذه الانواع ايضا، وهذا النوع هو الاساءة الى كبار السن من امهات واباء وجدود وغيرهم، هذا النوع ينتشر في العالم اليوم، ولكن العديد من المجتمعات لا تبحث فيه لانها تحاول الحفاظ على مظهر انها تحترم الكبار وترعاهم، ولكن مع الاسف هناك معاناة صامتة وراء الجدر ولا يعلم بها الا الله،

بعض كبار السن قد لا يعلمون ان ما يجري لهم هو اساءة معاملة، وربما لا يريدون رؤية الحقيقة كما هي، فمن الصعب على الام التي تعبت وربت او الاب ان يعترف امام نفسه بأن ابنه او ابنته يسيؤون اليهم، وفي حالات كثيرة يكون الكبير معتمدا ماديا على من يسيئ اليه، ويخاف ان يوقف المسيئ دعمه المادي ان اشتكى كبير السن من المعاملة، واحيانا قد يعاني الكبير من امراض الشيخوخة التي قد لا تجعله قادرا على رؤية الاساءة على حقيقتها او على الشكوى، وغالبا ما يخاف الكبير من العار والخزي الذي قد يشعر به ان افتضح امره امام الناس ان اقارباءه واحباءه يسيؤون اليه في الكبر، فكثير من كبار السن يسكتون تصبرا وخوفا من ان يسيؤوا الى الذي يعاملهم بالسيئ ان عرف الناس ما يحدث،

اساءة معاملة كبار السن قد تأخذ عدة اشكال، فهناك الاساءة الجسدية التي قد تشمل العنف ضد الكبار بأشكاله، وهناك الاساءة النفسية والمعنوية من خلال الاهانة والكلام الجارح، وهناك الاساءة المادية من خلال الابتزاز المادي او محاولة السيطرة على اموال كبار السن او تهديدهم ان لم يعطوا مالا، وهناك الاساءة الجنسية في بعض الحالات، وهناك اهمال رعايتهم والاهتمام بصحتهم وزيارتهم وتقديم العون لهم، فهناك كبار سن يحتاجون الى رعاية كاملة ولكن بعض الاهالي يهملون الكبار،

هناك اسباب عديدة لوجود الاساءة لكبار السن، فلا شك ان انتشار المادية والتسابق المحموم على المال ومتع الحياة افقد الكثيرين مكونات انسانيتهم، كما ان انهيار القيم الدينية عند البعض والقيم الاسرية جعل من البعض يرون انه ليس عليهم تحمل مسؤولية أي احد، بالاضافة لذلك انتشرت الامراض النفسية مما جعل البعض يعبرون عن امراضهم النفسية من خلال الاساءة للاخرين، والبعض اصبح يعاني من ضغوط نفسية كبيرة نتيجة الازمات المادية وكثرة متطلبات الحياة مما يجعلهم في ضجر من تحمل اعباء اكثر، وهناك ايضا انتشار للعنف بأنواعه من حروب وارهاب واجرام وفي الافلام والمسلسلات والاعلام والالعاب الالكترونية، مما رسخ عند البعض ثقافة العنف وان حل كل الامور يكون بالعنف، والبعض يستخدمون العنف كأسلوب لحل مشاكلهم حتى مع كبار السن، والبعض يستخدمون العنف بانواعه مع كبار السن انتقاما او لتصفية حسابات قديمة او ظلم يشعرون به مصحوب باعتقاد ان الكبير تسبب فيه، قد تكون هذه الاعتقادات اوهاما او نتيجة مشاكل نفسية وقد تكون عن سوء فهم واحيانا لها ما يدعمها، ولكن هذا لا يبرر الاساءة للكبار، هناك اساليب اخرى لحل المشاكل، ومما لا شك فيه ان ضعف الايمان بالله سبحانه والحساب واليوم الاخر جعل البعض يعتقدون انه ليس هناك رقيب ولا حسيب وانهم سيفلتون من الحساب اذا لم يرهم احد،

وهناك علامات للأساءة لكبار السن، فمثلا ان تكون هناك رضوض في جسد الكبير لا يعرف سببها، او ان يكون الكبير منعزلا تماما عن الناس او خائفا من شخص ما، أو ان يفقد الكبير مالا دون معرفة اين ذهب المال، بالطبع من الصعب التأكد من هذه الامور لأن الكبير قد تكون عنده رضوض نتيجة سقوط او يفقد مالا نتيجة ضعف ذاكرة او يعيش عزلة نتيجة كبر سن، ولكن هناك قاعدة اساسية:
ان شعرت بأن هناك شيئ خطأ واساءة معاملة في حياة الكبير فاعلم ان احساسك صحيح وان هناك فعلا اساءة معاملة، هذا الاحساس يحاول اخبارك شيئا فاستمع له، وتحدث مع الكبير وابحث في الموضوع،

الاساءة الى كبار السن بالقول او العمل هو عرض لمرض خطير ولا بد من التصدي له بكل الوسائل، ارجو من كل قارئ ان يخبر خمسة من اهله او اصدقائه بأن هناك شيئا اسمه الاساءة الى كبار السن وان هناك علامات له حتى يمكن التعرف عليه، وبذلك يمكن نشر الوعي الاجتماعي بهذا الموضوع المهم،

د. ماجد عبدالعزيز عشي

ليست هناك تعليقات: